عذراً أيها القارئ الكريم.. على هذا الانقطاع غير المقصود.. فظروف قاهرة حالت دون الاستمرار في طرح الموضوع بالأمس.. وقد كنت الأحرص على ذلك.. خاصة بعد ردود الفعل المفاجئة كماً ونوعاً.. تأييداً لما ذهبنا إليه.. وتفنيداً لمزاعم محمد الحسن الأمين.. أما المدهش حقاً فقد أجمع المعقبون على أن ابتعاد الرجل عن الملف.. مربوط بالحرمان من السفر هو ما قاده لاتخاذ هذا الموقف المتطرف.. ويبدو أن من تحدث بذلك على علم بطرائق تفكير الأمين.. ففي ذات تصريحه ذاك الذي دمغ فيه محمد الحسن الأمين وفد الحكومة بالفشل.. أبت حروفه إلا أن تفضحه.. فقد نقلت عنه الصحيفة بالحرف.. )وانتقد القيادي تقليص الوفد الذي ذهب إلى جنيف ورأى أنها خطوة سلبية تنعكس على التشاور، موضحاً أن الملف تولت مهامه وزارة الخارجية وفي الأخير كانت هذه نتائج إدارتها(.. إذن يحتج محمد الحسن على تقليص الوفد.. فقد كانت نتائج ذلك التقليص حرمانه.. وآخرين مثله كثر من السفر إلى جنيف.. ليشهدوا منافع لهم ليس من بينها حضور جلسات مجلس حقوق الإنسان.. ثم في غيرة مهنية فجة.. يتحدث محمد الحسن عن تولي وزارة الخارجية للملف.. وهو يعلم قبل غيره.. أن عدة جهات من واقع اختصاصها وتخصصها.. هي في الواقع من تولت هذا الملف.. وليست وزارة الخارجية وحدها.. مثل وزارة العدل وجهاز الأمن والمخابرات الوطني..!
ولم يبقَ للسيد محمد الحسن الأمين إلا القول أن عدم سفره هو السبب في فشل وفد السودان.. ولكن محمد الحسن الأمين.. رجل التناقضات.. يعود وبعد كل هذه الضجة التي أثارها في أمر المكتب.. يعود بأمر غريب.. وفق الصحيفة التي نقلت تصريحاته فيقول.. )بأن يكون دور المكتب الذي ستنشئه الأمم المتحدة بالسودان محدوداً في الحركة(.. ولا يتضح للوهلة الأولى ماذا يعني النائب البرلماني الكبير.. والمحامي القدير.. بحكاية مكتب محدود الحركة هذه.. والمكتب ابتداءً ألن تنشئه الأمم المتحدة.. تسليم مفتاح.. كما يتصور الأمين.. بل إن قرار مجلس حقوق الإنسان.. قد أشار بوضوح شديد.. إلى مفاوضات يجريها السودان ومفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة للوصول إلى اتفاق بإنشاء مكتب في السودان.. وقد لا يعلم الأمين.. أن المكتب يعامل معاملة البعثة الدبلوماسية.. أي أن السودان هو من يوافق أو يرفض موظفي المكتب.. وليس الأمر سلطة مطلقة للأمم المتحدة.. أما أكبر مكابرة يقع فيها السيد محمد الحسن الأمين فهي.. مغالطته المفضوحة وإصراره الغريب على نكران أهم مزايا القرار.. وهو خروج السودان من تحت طائلة الإجراءات الخاصة.. أما حديث السيد النائب البرلماني والخبير الحقوقي عن أن المكتب سيكون مصدر إزعاج شديد.. فهو يعكس عدم ثقة أداء السودان في ملف حقوق الإنسان.. بل ونية مبيتة للاستمرار في الانتهاكات.. هكذا يفكر محمد الحسن الأمين.. في وقت يرى فيه مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني أن القرار فرصة جيدة للسودان للمضي قدماً في تنظيف سجله.. مع تأكيد رغبتهم في سد كل الثغرات التي يمكن أن تشكل تهديداً لذلك السجل.. ويحسب المرء أن جزءاً من جهود تنظيف السجل ينبغي أن تنصب على تنظيف المواقع المتقدمة ممن لا تتجاوز أفكارهم مصالحهم المحدودة.. من يقرأ الطعن الدستوري الذي كتبه محمد الحسن الأمين المحامي ضد قرار رئيس الجمهورية بحل المجلس الوطني عام 1999.. لا يصدق أنه في ما هو فيه الآن..!