* تحدث نائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول (محمد حمدان حميدتى) بمرارة شديدة عن ما يتعرض له من بعض الجهات (بدون أن يذكرها) من عنصرية وسخرية دائمة وإطلاق لقب (فريق خلا) عليه، ووصفه بالتشادي مرة والنيجيري والمالي مرة أخرى، وقال بأنهم يصورونه كعدو للشعب رغم دوره الكبير في إسقاط النظام السابق، ولولا هذا الدور لظل البشير يحكم السودان حتى اليوم، قائلاً “نحن الكعبين ديل الحققنا التغيير” مضيفاً، ” أنا ذنبي شنو، أنا الذي اتخذت قرار التغيير في وقت كان كل تفكير قادة الأجهزة العسكرية ينحصر في كيفية فض اعتصام القيادة العامة، الى أن جاء يوم 6 ابريل ومكثت أربعة أيام أبحث عن حل واتخذت قرار التغيير، وفي الآخر اعتبروني أنا عدو الشعب”.
* وأرجع الحملة التي يتعرض لها لأنه يجلس على الكرسي الثاني في الدولة وهو ما لا يعجب الذين يريدونه فقط لمواجهة الحركات المتمردة، قائلاً بأن ذلك لن يحدث مرة أخرى و”تاني ما بننغشى”، مردداً بأن “البلد دي حقتنا كلنا”، وأن الكرسي رقم واحد يمكن أن يجلس عليه أي سوداني من أي مكان في السودان.
* وأشار بأن المشاكل التي تحدث في الخرطوم وبورتسودان والقضارف وكسلا والجنينة مُدوَرَة (مفتعلة) بدون ان يتهم جهة معينة، “وتحتاج الى وقفة من الجميع ونبذ العنصرية”، وتعهد بكشف المؤامرات، محذراً .. “لن نصبر أكثر من كده، وأي زول بعد كده لازم يتعرف كان بيعمل في شنو”، وأوضح أن الوضع الأمني غير المريح سببه الفراغ في الأجهزة النظامية، وان “العساكر لا يستطيعون التدخل لحسم الفوضى” !
* كانت تلك مقتطفات من الحديث الطويل والهواء الساخن الذي زفره (حميدتي) من صدره في عزاء (مبارك نميري) احد قادة (حركة مناوي) الذي اغتيل في شمال دارفور قبل بضعة أيام، وكان واضحاً من الحديث والاسلوب الذي تحدث به انه ليس موجهاً فقط لمرتادي التواصل الاجتماعي الذين درجوا على السخرية منه، وإنما الى بعض الجهات الرسمية أيضاً بدون أن يذكرها، وهو ما يؤكد ما ذهب اليه بعض المحللين عن وجود خلافات عميقة بينه وبين بعض القادة العسكريين، رغم النفي المزدوج للجانبين لوجود هذه الخلافات !
* قبل الرد على بعض النقاط التي أثارها (حميدتي)، لا بد من التأكيد على حديثه بأن البلد ليست ملكاً لأحد، وان أي سوداني يمكن أن يجلس على كرسي الحكم، ولكن خلافنا معه هو أن الجلوس على الكرسي يجب أن يكون بإرادة الشعب، وليس من منطلق القوة العسكرية، وان واجب العسكر والوظيفة الطبيعية لهم هي الدفاع عن الوطن والشعب وليس الحكم الذي يجب أن يكون حكراً على المدنيين فقط، ويجب أن يعرف أن الشعب لن يسمح له أو للبرهان أو أي عسكري آخر مهما بلغ شأنه أن يحكم إلا عبر صندوق الانتخابات وبعد خلع البزة العسكرية، مع العلم أن الوثيقة الدستورية حظرت ترشح رئيس واعضاء مجلس السيادة والوزراء وولاة الولايات وحكام الاقاليم من الترشح في الانتخابات العامة التي تلي الفترة الانتقالية (المادة 19 )!
* خلافنا الثاني مع (حميدتي) هو الوضع الشاذ لقوات الدعم السريع التي يقودها ويسيطر عليها سيطرة كاملة بدون أن يكون للدولة والقوات المسلحة أي سيطرة عليها، وهو ما تحدثنا عنه كثيراً وطالبنا بتغييره، وما لم يتغير هذا الوضع الشاذ، سيظل (حميدتي) في نظر الشعب قائدا لقوة عسكرية فوق القانون ويمكنها في أي وقت من الأوقات أن تثير الفوضى في البلاد !
* الخلاف الثالث، جريمة فض الاعتصام التي تثبت كل الشواهد تورط قوات المجلس العسكري السابق الذي كان (حميدتى) نائباً لرئيسه في التخطيط لها والقيام بها، وما لم يجدوا الحساب العادل أو يثبت العكس، سيظل هو والبرهان وكل أعضاء المجلس العسكري السابق متهمين في نظر الشعب بارتكاب تلك الجريمة البشعة!
* الخلاف الرابع، مشاركة (حميدتي) في ارتكاب جرائم النظام السابق في دارفور، ولن تعفيه من ذلك مصالحته المظهرية المؤقتة مع حركات دارفور التي استدعتها ظروف معينة، ومحاولة استغلال كل طرف للطرف الآخر لتقوية مركزه مواقفه الى أن يحين وقت الحساب ولو طال الزمن!
* الخلاف الخامس، هو انه وحلفاءه المؤقتين أول من يستخدم اللغة والوسائل العنصرية التي يشتكي منها ويذرف الدموع ويمثل دور الضحية (وأنا برئ يا بيه ) ويعتمد عليها في حشد التأييد له، وخلق حالة من العداء ضد من يتهمهم بممارسة العنصرية بغرض السيطرة على الحكم في البلاد !
* سادساً، احتكار (حميدتي) لجزء مقدر من ثروات البلاد بطريقة غير قانونية والتحكم فيها لتحقيق مصالحه وزيادة نفوذه، وتأسيس التحالفات الوهمية، والحصول على تأييد من يزيغ عيونهم وقلوبهم بريق المال!
* هذه هي بعض النقاط لو أراد (حميدتي) الصراحة بالفعل، أما ذرف الدموع وتمثيل دور الضحية، فهي محاولة فاشلة لن تفيده بشيء، إن لم تجلب له المزيد من الضرر والسخرية!