لم تكن بيانات الوفود أو تصريحاتهم كافية، لفهم ما يدور في أديس أبابا، حيث المفاوضات أو المشاورات التي انعقدت هناك.
ارتباك واضح على المشهد العام، وانطباع سيئ لجولة ثامبو امبيكي القديمة الجديدة!
وفد الحكومة يرأسه نائب رئيس الحزب فيصل حسن إبراهيم، والذي بحكم موقعه يُعد مسؤولاً من مفاوضات المنطقتين، لكنه يضم أيضاً د.أمين حسن عمر مسؤول ملف سلام دارفور، وكذلك وزير الإعلام بشارة أرو، الذي يُعتبر خبيراً في ملف الحوار الوطني.
هناك آخرون من الأمن والاستخبارات العسكرية وشخصيات معروفة مثل محمد مختار وكذلك عبد الرحمن الصادق المهدي!
ماذا سيُناقش هذا الوفد؟.. هل كل الملفات مجتمعة؟!
ارتباك هناك في الزهرة الجميلة.. فالحركة الشعبية بالوفدين المتخاصمين، التوم هجو، حزب المؤتمر السوداني وغيرهم.
ولأن الحكومة لا تعترف بتحالف نداء السودان ككيان، كان متوقعاً أن لا تُحرز الجولة أي تقدم.
ثامبو امبيكي الذي جدد له الاتحاد الإفريقي تفويضه و”مخصصاته” عاماً آخر، دخل إلى الملعب دون تحضير أو ترتيب جيد.
قال البعض إنها جلسة تفاوض وأكد البعض الآخر أنها جولة تشاور.
لا أحد بإمكانه أن يجزم بشيء.. فالمدعوون الذين وصلتهم دعوة تتضمن “تذاكر سفر وإقامة” إلى أديس، أنكرهم امبيكي قائلاً إنه لم يدعوهم.. من دعاهم إذن؟
عبد العزيز الحلو، كان أكثر من فهم امبيكي، فأرسل وفداً مختصراً يمثله عمار أمون وجوزيف تكا.
إذن.. هل المفاوضات معنية بالمنطقتين وكيفية إدخال المساعدات الإنسانية، أم أنها استكمال لما بدأ في برلين مروراً بأديس قبل الهبوط في الدوحة؟ ماذا عن قانون الانتخابات الذي أجيز في البرلمان وانتهى موضوعه، هل ينوي امبيكي فتحه مجدداً؟
حرصت على حضور التنوير الذي أقامه مساعد الرئيس فيصل حسن إبراهيم حول جولة أديس، وكان حديثه مفيداً لفهم بعض ما دار هناك.
فيصل بدا متفائلاً بالجولات القادمة، خاصةً بعد أن أبدى ملاحظات لثامبو امبيكي تتعلق بالترتيبات اللوجستية والتنظيم وعدم الانضباط الزمني، ليأخذها في عين الاعتبار مستقبلاً، غير أن حديثه في نهاية الأمر كان “مُخففاً”.
فالحقيقة أن امبيكي فشل في أولى جولاته، وأثبت أنه يلعب بالجميع ويمسك العصا من المنتصف.
تخيلوا.. الإمام الصادق المهدي بعث خطابا إلى امبيكي ممهورا بصفة “رئيس تحالف نداء السودان”، فيستلم رئيس الوساطة الخطاب ويقرأه ويتشاور فيه ثم يرد عليه، ولكن يوجهه إلى الإمام الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة القومي!!
وهكذا كل تحركات امبيكي، بإمكان أفراد من مكتبه توجيه الدعوة إلى أي كيان، ثم يخرج امبيكي للعلن قائلاً إنه لم يَدْعُهُمْ، وفي كل ذلك يكسب الرجل مخصصات ومرتباً رائعاً في وضع اقتصادي عالمي مُعقَّد.