في خبر يكشف عن مدى وحشية ودموية النظام المخلوع، قالت هيئة محامي دارفور إن والي ولاية وسط دارفور كشف عن نبش مقابر جماعية حوت 76 جمجمة، وطبقاً لتعميم أصدرته الهيئة يوم الأحد الأول من أمس، فإن والي وسط دارفور أديب يوسف الذي كان يتحدث في جلسة حوار نظمتها هيئة محامي دارفور بدار المحامين السودانيين بالخرطوم، مساء السبت الماضي، أكد العثور على مقابر جماعية بالولاية. وأفاد أن احدى هذه المقابر الجماعية احتوت على 26 جمجمة وثانية بها أكثر من 50 جمجمة وأخرى سيتم نبشها قريباً. وأوضح الوالي أن أسر الضحايا يتمسكون بتسليم المتورطين في ارتكاب الجرائم الجنائية لمحكمة الجنايات الدولية ويرفضون أي اتجاه للمحاكمات الداخلية ولا يثقون فيها..وبينما كنت أطالع هذا الخبر التراجيدي الذي يجعلك تستمطر اللعنات على النظام البائد، طفرت الى ذهني ولا أدري لماذا، حكاية (جمجمة تتكلم)، التي أوردها الاديب الدبلوماسي الراحل جمال محمد احمد وزير الخارجية الاسبق طيب الله ثراه، في سفره الموسوم (سالي فو حمر) الذي حوى مجموعة من الحكايات الأفريقية ومنها حكاية جمجمة تتكلم، هذا اضافة الى مؤلفه الآخر الشهير (وجدان افريقيا)..
وحكاية (جمجمة تتكلم) تقول..
دخل صياد الغابة وبينما هو يمشي وجد جمجمة إنسان. قال لها: �من الذي أتى بك إلى هنا؟�قالت له: الكلام يا صياد.�وجرى الصياد لقصر الملك يحمل الخبر قال الصياد: �لقد وجدت جمجمة في الغابة�قال الملك:� وما الغرابة في عثورك على جمجمة في الغابة ؟�قال الصياد:� انها تتكلم �قال الملك:�ماذا قالت؟�قال الصياد:�طلبت مني أن أسألك عن حال أمها وأبيها�قال الملك: �ما سمعت بمثل هذا من قبل�ثم نادى الملك الوزير وسأله، إن كان قد سمع بأن هناك جمجمة تتكلم فقال الوزير:�لم أسمع بمثل هذا حتى في الخرافات�فأمر الملك الوزير، قال له: �خذ معك فرسا، واذهب للغابة مع الصياد، لترى بنفسك إن كان هذا صحيحا أم لعبا بالملك. ثم قال للحراس الذين سيذهبون مع الوزير والصياد..�إن وجدتم هذا الصياد قد ضحك علينا اقطعوا رأسه.. اقطعوا رأسه في الحال..�وذهب الجميع للغابة. ولكن الجمجمة أبت الكلام فصرخ الصياد:�تكلمي يا جمجمة ولكن لا حياة لمن تنادي.�وجعل المسكين يصرخ والجمجمة ساكنة لا تقول شيئا وكادت الشمس أن تغيب فقال الوزير: �يا حراس نفذوا أمر الملك.�وفي الليل فتحت الجمجمة فكيها الكبيرين والتفتت إلى رأس الجمجمة الإنسانية:
أنت هنا..؟ من الذي أتى بك؟�قال الصياد: الكلام يا جمجمة النحس.. و..حتما ستتكلم جماجم دارفور وتكشف عن قاتلها، فالحكمة الشعبية السودانية والخبرة الانسانية تقول (الروح ما بتروح)، والدم ببراك دنيا وآخرة مهما حدث والقصاص قادم قادم والديان لا يموت، فكاتل الروح طال الزمن أم قصر لابد ينال عقابه في الدنيا قبل الآخرة..�