أحذِّر أبنائي الثوار من الانسياق وراء مخططات لا يعرفون أبعادها ستؤدي حتما إلى فوضى عارمة تقضى على أعظم ثورة سليمة ليست كبقية ثورات الربيع العربي التي قامت في بلادنا من أجل الحرية والسلام والعدالة.. إن ما يحدث هذه الأيام من مظاهرات والدفع بالطلاب والشباب لإغلاق الشوارع وإغلاق المدارس والجامعات بدعاوى ثورية لا تتسق مع ما انتظره الشعب من تحقيق الاستقرار المفضي إلى تحقيق أهداف الثورة المعلنة..
يجب أن يفهم الشباب الثائر أن ما يحدث من محاولة استغلال الأحداث بدعاوى عديدة تغذيه عناصر لا تريد أن يتم الاتفاق بين قوى الحرية والمجلس العسكري وهي عناصر معروفة منها بعض تجار السياسة والحروب وأخرى الذين فسدوا خلال الثلاثين عاما الماضي حيث أن الاتفاق وتشكيل مؤسسات الحكم من مجلس سيادي ووزارة ومجاس تشريعي سيجعل الدولة تتفرغ لمحاسبة الذين أجرموا وفسدوا.. هذا من جانب ومن جانب آخر سيفقد آخرون يعلمون أنهم لا يتمتعون بسند شعبي كافٍ فرصتهم في تنفيذ أجندتهم فهؤلاء جميعا لا يريدون فترة انتقالية سلسة لها سلطات حقيقية تعمل للمصلحة العامة وليست المصالح الخاصة أو الحزبية.
لقد كانت المظاهرات والمواكب والاعتصامات والإضرابات في الفترة الماضية مفهومة أطاحت بالنظام السابق وحافظت على جذوة الثورة وتأمينها، أما اليوم فالمطلوب ليست الفوضى بل تغليب الحكمة والتعقل لكيفية تحقيق الاستقرار والسلام والحريات العامة والعدالة ومواجهة الفساد والفقر والبطالة ومحاصرة التضخم الجامح وتوفير السلع الضرورية والخدمات للمواطن ونعمل على قدم الجد وساق لدعم التنمية الاقتصادية، سيما ونحن نواجه أهم الأشهر لإنجاح الموسم الزراعي وكما نمكِّن المصانع من العمل والخدمات أن تزدهر وأن نجذب المغتربين والمستثمرين والأموال المحلية والحرة إلى بلادنا ومصارفنا التي تشكو الأنيميا في الأموال فتتمكن من تقديم التمويل لأهل الكسب والصنائع.
المطلوب الآن الحكمة والتريث وتقديم المصالح العليا للوطن وليست الفوضى واعلموا أيها الشباب الثائر أن الأولوية الآن هي لنجاح الثورة وحمايتها وحماية بلادنا من الانزلاق في الفوضى، أما تحقيق العدالة للذين أجرموا وقتلوا الثوار فسيأتي حتما عندما تتكون المؤسسات الدستورية ويستلم الذين ستسند لهم مسؤولية المحاسبة مهامهم، أما الاندفاع الآن بدعوى العدالة والقصاص فورا قبل تكوين المؤسسات الدستورية فسيستفيد منه الذين يريدون الفوضى وانهيار الدولة والعودة للماضي حيث لن تكون هناك مؤسسات عدلية ولا اختصاصات وستختفي كل المستندات بل الأشخاص ولن تجد الثورة من تحاكمه على فساده وجرائمه.. نحن لم نحاسب المجرمين السابقين!!
نعم الأولوية الآن للاتفاق على الإعلان الدستوري وتكوين الحكومة ومجلس السيادة وتحقيق السلام بعودة الحركات المسلحة لأرض الوطن وتوديع السلاح والمشاركة في المؤسسات الدستورية خاصة المجلس التشريعي الذي أقترح أن يكون هو الذي يجمع بين المؤتمر الدستوري والمائدة المستديرة لتحقيق التوافق الوطني والمصارحة والمصالحة مثلما حدث في جنوب إفريقيا.. هذا أو الطوفان.. صدقوني..