*لا خلاف على أن الجهة التي تدير البلاد حالياً لا تُعبِّر بأي حالٍ من الأحوال عن أشواق ورغبات الشعب الثائر، ولا تبذل الحد الأدنى من الجهد اللازم لتحويل شعارات الثورة إلى واقع.
*ذلك أمر لا جدال عليه، والدليل إقدام المجلس العسكري على إحياء عدد من مكونات الإنقاذ، الأمنية والاقتصادية والنقابية، من دون أن يطرف له جفن.
*أزالوا الحظر المفروض على حسابات الدفاع الشعبي والخدمة والوطنية، والقرار يعني استئناف نشاط مكونين عسكريين لا يختلف اثنان على هوية الجهة التي يدينان لها بالولاء.
*أعادوا تفعيل النقابات المنتمية للسلطة البائدة، ثم ألغوا قرار حل صندوق دعم الشرق، مع أن الإنقاذ نفسها، اقتنعت في خواتيم أيامها بعدم جدواه، وتأكدت من فساده وسوء إدارته للمال العام، فحذفته بجرة قلم من رئيس وزرائها أيلا.
*(حرية سلام وعدالة) أول شعارات الثورة وأشهرها.. هل تحقق أي شيء منه بعد مضي قرابة الشهرين من تاريخ إطاحة الثورة بالنظام المقبور؟
*أخذنا على السلطة البائدة قتلها للأبرياء، ودمويتها التي أودت بحياة عشرات المتظاهرين، وتسببت في إصابة مئات الجرحى، فهل توقف إطلاق الرصاص على المواطنين العُزَّل، وهل توقَّف القتل المجاني للأبرياء في العهد الجديد؟
*أحداث الثامن من رمضان تحمل الإجابة الشافية عن السؤال الحرج.
*هتف شباب الثورة (سلمية سلمية.. ضد الحرامية)، ضد من سرقوا المال العام وأفقروا الدولة، فهل تم توقيف أيّ من لصوص الحق العام؟
*هل لاحقت الدولة الحرامية الذين دمروا المؤسسات العامة وأفقروا البنوك ونخروا جسد الدولة بالفساد؟
*هل باشرت نيابة محاربة الفساد نشاطها، أم تواصل مسلسل التساهل مع الفاسدين برفع الحظر عن حسابات أحد أشهر القطط السمان، والسماح لشقيق المخلوع بالهروب من البلاد، برغم إعلان المجلس العسكري عن توقيفه في سجن كوبر؟
*كان (حظر النشر) أول قرار اتخذه وكيل نيابة مكافحة الفساد في العهد الجديد.
*ثارت جماهير شعبنا على النظام البائد طلباً لتغيير يبدأ بتطوير وتطهير بنية مؤسسات الدولة، ويمتد ليشمل كل أركان المجتمع، بثورة مفاهيم، تقوم على استنهاض الهمم، ورفع معدل الإحساس بالوطن، وتقديم المصلحة العامة على المنافع الحزبية والذاتية الضيقة.
*الثورة لم تتم ضد البشير وحزبه، بل استهدفت تغيير واقع الدولة بإزالة إرث الإنقاذ المتعلق بالفساد وتقييد الحريات، والمحاباة والمحسوبية، وتقديم عوامل الانتماء على الكفاءة.
*يخطئ من يتوهم أنه يستطيع أن يرث عرش المخلوع لمجرد أنه يمتلك قوةً عسكريةً غاشمة، أو لمجرد حصوله على مباركة من هذه الدولة أو تلك.
*عندما يصرح رئيس المجلس العسكري الانتقالي واصفاً ما حدث في السودان بأنه يمثل (ثورةً وليس انقلاباً) فإنه يمنع بذلك التصريح كل أنواع المزايدة على القوى الثورية، ويضع نفسه ومجلسه على محك الاستجابة للمطالب التي تفجرت من أجلها ثورة ديسمبر، وصدعت بها حناجر الثوار.
*مطلوب من المجلس العسكري أن يوطِّن نفسه على قبول الحقيقة التي أقر بها رئيسه، وأن يثبت صحة ما يزعمه عن عدم رغبته في احتكار السلطة، لأن ما يفعله حالياً خطير جداً على أمن الوطن، ويمثل عين الاستهانة باستقراره.
*قد يتفهم من ثاروا على الواقع المحزن لبلادنا عدم اتفاق المجلس مع قوى الحرية والتغيير، لكنهم لن يتقبلوا أن يسير العسكر على شعارات الثورة ومطالبها العادلة بالممسحة، كي يعيدوا إنتاج النظام السابق بواجهات جديدة.
*مطلوب من المجلس العسكري أن يواكب إيقاع الثورة، كي يثبت أنه لا يمثل امتداداً للجنة الأمنية التابعة للنظام المقبور.