قبل فترة، طالب عدد من الكتاب الصحفيين، بتطبيق أقصى أنواع العقوبات على تُجار الدولار الموجودين على مرأى ومسمع من المواطنين، الذين يبيعون الدولار ويشترونه.
أولئك التجار أو من ينوب عنهم، الممتدون في وسط السوق العربي، الواقفون على الأرصفة أو الجالسون في المحال والمكاتب، يقضون الحاجة للمريض والدارس والسائح والمسافر.
مَن مِن الناس، وجد 500 دولار أو أقل منها، في بنك أو مصرف لأنه محتاج ومتجه إلى خارج البلاد؟
لا أحد، إلا استثناءً وبوساطة، من بإمكانه الحصول على دولارات أو ريالات، من بنك أو مصرف.
أولئك التجار، الذين يدعو بعض المسؤولين والصحفيين والنواب البرلمانيين إلى معاقبتهم، يحلون كثيراً من المشكلات لفئات مختلفة، ومع ذلك هناك من يدعو لإيقاف عملهم بحجة أنه يضر بالاقتصاد، ويُعرقل الجهود، كأنهم “سبب الأذى والبلاوي”!
ألا يُفكِّر أولئك بالضرر الذي يُصيب المواطن، حينما تُغلَق الأبواب في وجهه، فلا يدري لمن يلجأ وأين يتجه؟
نحن مع القانون وتطبيقه، ومن الغرائب أن ندعو للتساهل في إنفاذه، لكن لكل قاعدة استثناء، وما يحدث يستحق التغاضي.
وبالنظر إلى ما وصل إليه سعر الدولار لدى لجنة صناع السوق، وعند أولئك التجار في السوق الموازي، نجد أن الفارق بات يتّسع، بل إن هناك سِعرَين، “نقداً وبالشيكات”، لأن العملة الصعبة، غير متوفرة بقدرٍ كافٍ.
ورغم ذلك، صرَّح الناطق باسم آلية صناع السوق، عبد الحميد عبد الباقي سراج في تصريح للمركز السوداني للخدمات الصحفية، أمس الأول، بأن إجمالي حصائل الموارد النقدية من العملة الحرة التي تمَّ التحصُّل عليها من البنوك والصرافات تجاوزت 267 مليوناً و29 ألف دولار.
ويُشير سراج إلى أن ما تمَّ استخدامهُ من المبلغ، 226 مليوناً و926 ألف دولار، حيث تمثلت الاستخدامات على حد قوله في توفير النقد الأجنبي بغرض الاستيراد والتصدير إضافة للمتعاملين بغرض السفر.
ومع أننا لا نعلم المُدَّة التي يقصدها سراج إن كانت شهرين أو خمسة، لكن ما نعلمه أن تلك الملايين لم تنعكس إيجاباً على واقع الاقتصاد.
ولم ينتعش ولو قليلاً الاستيراد والتصدير وحظوظ المسافرين في “الدولار”!
صحيح أن هناك جهوداً حثيثة مبذولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن يبدو أن التزامات الحكومة كثيرة، وواجباتها عدّة، فلن نشعر بانعكاسات إيجابية إن ضخّ المغتربون 200 مليون أو مليار.
نُريد أن نكون مع تلك الجهود ومع القانون، لكن قبل ذلك مع المواطن وتسهيل أموره.