في عقابيل تعيينهم من قبل المجلس العسكري سابقاً كولاة عسكريين مكلفين علي الولايات، واجهوا تركة مثقلة تمثلت في عدة قضايا سياسية وأخري اقتصادية وأمنية شكلت تحديات كبيرة للعديد منهم، الأمر الذي جعل المواطنين يخرجون في تظاهرات مطالبين بإقالة الولاة، في وقت واجهت السلطات بعض المواكب بالعنف، الأمر الذي أعاد إلى الأذهان مظاهرات ما قبل سقوط النظام البائد، فتساءل البعض كيف سقطت والعنف مازال موجوداً؟ .
بداية الشرارة
تعد ولاية البحر الأحمر في مقدمة الولايات التي أرقت المركز، وكانت بداية الشرارة لأحداث متتالية شملت عدداً من نظيراتها، بعد أحداث قبلية دامية أطاحت بالوالي المكلف وقتها اللواء الركن عصام عبد الفراج، بعد عدد من الزيارات التي أجراها المجلس السيادي للولاية، وبالرغم من أن قرار الإقالة ليس من اختصاصه، إلا ان السيادي اضطر لاتخاذه بعد تأخر تعيين رئيس الوزراء في ذلك الوقت، مما دفع المجلس لعقد اجتماع وإصدار قرار بالإقالة، وقرر تفعيل حالة الطوارئ بالولاية واتخاد إجراءات لحفظ الأمن والسلم الاجتماعي، ومنع انتقال الصراع القبلي إلى أنحاء أخرى من البلاد.
مطالب بالإقالة
وبوتيرة متسارعة انتقلت الصراعات من البحر الأحمر إلى ولاية القضارف، والتي ضجت بالعديد من المشاكل القبلية والاقتصادية والسياسية، وخرج مواطنوها في مواكب بواسطة لجان المقاومة تطالب الوالي المكلف اللواء الركن نصر الدين عبد القيوم، بضرورة إيجاد حلول لهذه القضايا، وأهمها الانفلات الأمني بالمدينة والأسواق، ولكنهم تفأجوا بمواجهتهم من قبل السلطات في الولاية بالقمع واطلاق الرصاص علي المواكب مما أدى الى إصابات وسط المتظاهرين، هذا التطور الأمني صعد المواجهة ما بين الوالي والمواطنين الذين نظموا موكباً للمطالبة بإقالة الوالي المكلف، وهنا يقول القيادي بالحرية والتغيير في القضارف جعفر خضر للزميلة اليوم التالي، إن مشكلة القضارف في حكامها، فخلف كل قيصر يفوت قيصر جديد .
رواية مختلفة
لم تستثن تلك الأحداث ولاية النيل الأبيض، لكنها تبدو مختلفة بعض الشيء حيث ظهر واليها المكلف اللواء حيدر الطريفي، في خانة المظلوم، ليس من المواطنين وإنما من المركز، وهو يشكو التهميش وعدم الاستجابة لإغاثة المتأثرين من تداعيات السيول والأمطار التي ضربت معظم قرى محليات الولاية، واتهم الطريفي المجلس السيادي ومجلس الوزراء بالقصور، باعتبار أن الولاية لم يزرها مسؤول من المركز، مؤكداً أن تاثير السيول والأمطار أكبر من إمكانيات الولاية، حيدر أبدى زهده في المنصب، هذه التصريحات جعلت الوالي محل ثقة الكثيرين ولم تخرج مظاهرات ضده .
ولايات دارفور
بالمقابل يظل المشهد في ولايات دارفور يحمل عنواناً واحداً هو عدم الاستقرار الأمني وحدوث تفلتات أمنية هنا وهناك، ورغم القبضة الأمنية للولاة لكن ظهرت العديد من الخروقات في حوادث اعتداءات مسلحة على المواطنين في مناطق متعددة ومتفرقة، مما جعل المواطنين يخرجون في مواكب منددة تمت مواجهتها أيضا بالقمع والرصاص الحي، آخر هذه المواجهات كانت في حاضرة ولاية جنوب دارفور نيالا أمس الأول، ما جعل تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير يصدر بياناً شديد اللهجة يدين فيه الحادثة، والمطالبة من قبل حزب المؤتمر السوداني عبر رئيسيه عمر الدقير بإقالة الوالي .
ولايات أخرى
بالنظر الي أوضاع الولايات الأخري نجد أن بعضها شهدت أحداثاً وانتفت بمرور الزمن مثل ولاية كسلا والولاية الشمالية وتباينت ما بين القبلية والمطالبة بتوفير الخدمات الأساسية، كذلك ولاية شمال كردفان التي شهدت خروج مواكب للطلاب، وتم قمعها بقسوة مما أدى لتدخل المركز والتحقيق مع الوالي، بينما شهدت ولاية النيل الأزرق مشاكل صحية كارثية عقب انتشار مرض الكوليرا واعتراف وزارة الصحة بذلك، والعمل على التصدي له، فيما ظلت بعض الولايات مستقرة مثل نهر النيل والخرطوم وغرب كردفان وجنوب كردفان، رغم انها لم تخل من أزمات اقتصادية خانقة انعكست على حياة المواطنين .
استدعاء الولاة
هذه الأحداث التي أرقت مضاجع المركز جعلت وزير ديوان الحكم الاتحادي يستدعي الولاة لاجتماع طاريء غداً بقاعة الوزارة من أجل مناقشة تلك الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية، ومراجعة تقارير الاداء لشهر يناير وحتى سبتمبر ..والشاهد أن أمر تعيين الولاة المدنيين الجدد من قبل رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك قد تم إرجاؤه نسبة لمباحثات السلام مع الحركات المسلحة والجبهة الثورية .
في وقت أصبحت الولايات تنوء بالكثير من المشاكل في ظل فشل الولاة المكلفين في حلها، وسط سخط المواطنين ومطالبتهم بولاة مدنيين مع التخلص من رموز النظام البائد في المؤسسات الحكومية الوقائية والتي مازالت تمارس الممانعة كثورة مضادة، كما أشار إلي ذلك القيادي بقوى التغيير عمر الدقير، بأن رموز النظام البائد لم يفهموا بأن عهد الاستبداد قد ولى.
تعبير الشارع
الخبير الأمني د. طارق محمد عمر، يقول إنه لا يستطيع القول إن الولاة العسكريين قد فشلوا في أداء المهام الموكلة إليهم، لكن حالة الندرة الراهنة في البنزين والجاز وما ترتب عليها من أزمة حادة في المواصلات، ودقيق الخبز، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والادوية وبقية السلع في جميع أنحاء السودان شكلت ضغطاً كبيراً على المواطن السوداني، فلجأ إلى الشارع للتعبير عن سخطه، وأضاف لكن الولاة العسكريين لا يعرفون غير الحسم العسكري والتطبيق القسري للقانون، بينما الثورة نادت بالمدنية، لكن طارق عاد وأكد أن المهددات الأمنية في الولايات الحدودية تحتاج لولاة عسكريين وأمنيين .