شيء من عدم الترتيب والفوضى العارمة تدل عليها كثير من الاحداث التي اصابت البلاد خلال الايام السابقة، وحمل العديد من الاشخاص للاسلحة سواء نارية او اسلحة بيضاء او حتي الحجارة وقذفها دون ما وازع او خوف من جهة ما تحاسب كل هذا والكل يتحسب لما هو اسوأ اذا استمر الحال بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري على ماهو عليه من تناوش وتعنت في تمسك كل منهما بمطالبه وعدم العودة للمفاوضات والتغاضي عن المصالح الذاتية لتغليب مصلحة الوطن والعودة الى طاولة التفاوض لوجود نهاية لما وصل اليه حال البلد.
ومن الاشياء التي تلفت الانتباه وتجعل الشعب يكتم انفاسه خوفاً من الانفلات الامني ايضا ما صرح به عضو المجلس العسكري صلاح عبد الخالق بالامس من وجود اكثر من ثمانية جيوش بالبلاد تحمل السلاح، وامعاناً في التخويف حذر صلاح من الانزلاق الى مستنقع الفوضى الذي نراه قريباً جداً وفق المعطيات الجارية بين طرفي التفاوض، وما يحدث من حوادث بشارع النيل سواء كانت فردية او كانت تصب في اتجاه الفوضى التي تنجرف اليها البلاد. ان كان ما يقوله عضو المجلس العسكري صحيحاً بأن هناك ثماني جهات تحمل السلاح رغم انه لم يحدد ان كانت كل هذه الجهات نظامية او حركات مسلحة او قوات تتبع للنظام السابق، فإن على السودان السلام… فكيف يُسمح لثمانية جيوش ان تحمل السلاح، وهب أن تم خلاف بين قوتين، فكيف يمكن تصور ما يحدث ومن هو المسؤول عن هذه الجيوش الثمانية في ظل هذا الفراغ الدستوري الذي تعيشه البلاد منذ الحادي عشر من ابريل الماضي؟ وما هي المخاطر المتوقعة من هذا الوجود المسلح الذي لم يسبقنا اليه احد في العالمين؟ وكيف يتم تصنيف هؤلاء المسلحين؟ وهل تصريح عضو المجلس العسكري يصب في خانة التخويف ام الخوف؟
ويرى الخبير الامني والعسكري الفريق محمد بشير سليمان ان رئيس اللجنة الاجتماعية بالمجلس العسكري يقصد مهددات الامن القومي، وحديثه يجب ان يؤخذ مأخذ الجد، حيث انه على كل سوداني ان يقف عند ما قاله رئيس اللجنة الاجتماعية بالمجلس العسكري خاصة السياسيين، واضاف انه يمكن ان يعدد اكثر من ثمانية جيوش التي ذكرها عضو المجلس الانتقالي بدءاً بالقوات المسلحة وهي الجيش الاصلي المذكور في الدستور، وفي داخل هذه الدائرة نجد جهاز المخابرات الوطني وله جيش مؤسس مبني على اسس جيش مسلح تسليحاً كاملاً، فادارة العمليات بالجهاز هي جيش حقيقي بناه صلاح قوش، مؤكداً انه شاهد عصر على ما يقول, ثم قوات الدعم السريع وهي بكامل عتادها، وليس هناك دولة في العالم بها اكثر من جيش فالجيش واحد فقط، لكن في ظله تقوم عدة ميليشبيات لها مهام محددة تقوم بها، ولكن لا تكون اعلى من الجيش، وهي تعمل داخل دائرة الجيش وتحت لوائه وتحاسب بقوانينه، لكن الدعم السريع ليس كذلك، وخطورته ليس في انه جيش لكن الخطر في ان يحدث تصادم بينه وبين جيش الدولة، وهذا من اخطر المهددات للامن القومي, اضاف بشير معدداً الجيوش الموجودة بالبلاد، ان الحركات المسلحة ايضا تعتبر جيشاً قائماً وهي عضو في اعلان الحرية التغيير، وقد تكون لها خلايا نائمة داخل الخرطوم, كذلك لم يستبعد الحركة الشعبية قطاع الشمال الموجودة بالنيل الازرق وجنوب كردفان، وحركة عبد الواحد ومني اركو مناوي وحركة العدل والمساواة، وكذلك ما تسمى كتائب الظل التي تدعم النظام السابق، والتي حسب انها مازالت تحمل السلاح ولم يجمع منها، وان جزءاً كبيراً منها متخفٍ، وهي كذلك تمثل تهديداً امنياً للدولة السودانية، وقال بشير ان التهديد لا يقتصر على هؤلاء فقط، وحتى على مستوى قبائل التماس لا توجد قبيلة الا ولها سلاح مهما تم التحدث عن خطط لجمع السلاح، ووصفها بانها فاشلة معتبرا ان البديل الذي يحمي هذه القبائل سواء رعاة او مزارعين لم يكن موجوداً حتى يسلموا اسلحتهم, وزاد انه ما من سوداني يحسب حساباته في اطار تداعي مخاطر الامن وما يملكه من ممتلكات الا ولديه نوع من انواع الاسلحة, ولو حسبنا ذلك في اطار المعادلة لمهددات الامن السوداني فكم درجة المخاطر على الدولة السودانية القائمة الان حتى اصبحت الثورة ذاتها جزءاً من مهددات الامن لسوداني, فالصراع بين قوى اعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي دون الوصول لتفاهمات مشتركة من مرونة وعدم وجود شعرة معاوية بينهما واشتداد الحبل بين الطرفين الى نهايته تحسب في اطار ما تعيشه الدولة السودانية من مخاطر، خاصة اذا علمنا ان الدولة في اساسها هشة ليست وفيها مقومات وحدة وطنية او مواطنة ولا تربطها هوية واحدة، فكل ذلك يصب بحسب حديث الفريق بشير في اطار الفوضى التي تعيشها البلاد والمهددات الامنية التي يجب النظر اليها بعين الاعتبار من الجهات السياسية كلها. واكد على ان المسؤولية المباشرة في كل ذلك ترمى على عاتق المجلس العسكري الانتقالي, وقال ان الامن لا يتجزأ بدءاً من المواطن ورجال السياسة وكل الاحزاب السياسية والقوى التي كانت مع المؤتمر الوطني، مروراً بقوى الحرية والتغيير، وكل من يسعى للسلطة فهو مسؤول مسؤولية مباشرة وتشاركية لحماية الامن القومي, مؤكداً ان كل ذلك يكون من خلال القيادة الواحدة والمسيطرة التي تدير الامر كله. اما وجود عدة جهات تحمل السلاح دون سيطرة الدولة فقد اعتبره خطراً حقيقياً يؤكد الانفلات الذي يؤدي لاحتراق الدولة السودانية.