ما يلفت النظر إلى البرلمان هذه الأيام، ليس الأصوات النشاز التي ترأف على الحكومة أكثر من عطفها على المواطن، والتي تدعو الجهات المختصة إلى رفع ما سُمي بـ”الدعم الحكومي” عن الخبز والكهرباء والبنزين، دون أدنى اعتبار للنفق المظلم الذي قد يدخل فيه الشعب بعد أن ضاق عليه الخناق.
ما يرفع حاجب الدهشة هذه الأيام، التقارير، “غير المُجملة” والمهمة، المرفوعة من بعض الوزارة الحكومية والتي تشير إلى تدنٍ وإخفاقات إدارية خلال العام الحالي من يناير حتى سبتمبر، تزامناً مع بدء إجراءات اقتصادية “قاسية” اتخذت بداية العام.
أمس الأول، داخل قبة البرلمان، أعلنت وزارة المالية عن عجز في الموازنة خلال ستة أشهر فقط، بلغ 32 مليار جنيه!
العجز ليس بجديد، إنما الرقم الذي وصل إليه خلال ستة أشهر يستحق وقفة وتحليلا وتبريرا.
يُقدم وزير الصناعة والتجارة موسى كرامة، تقريراً يكشف فيه عن تدني نسبة الصادرات لعدم وجود سياسات مشجعة، إذ إن عائدات الصادر من يناير حتى سبتمبر وصلت إلى 75 مليون دولار، مقارنة 117 مليون دولار خلال ذات الفترة من العام الماضي.
ويُكمل كرامة بيانه ليتحدث عن تدني إنتاج السُكر لوجود مشكلات في التمويل وعينات القصب وقطع الغيار والنقد الأجنبي.
وزير الدولة في النقل والتنمية العمرانية عمران يحي، وفي ذات الجلسة، يتهم بصورة غير مباشرة وزارة المالية، بالتسبب في توقف تمويل بنك التنمية الإسلامي بشراء طائرتين للخطوط الجوية السودانية.
ويُذَكِّر عمران الجميع، أن “سودانير” علقت تشغيل عدد من المحطات بسبب صعوبة التشغيل وعدم توفر طائرات كافية، حيث تدنى عدد الرحلات بنسبة “76%” خلال الفترة من أبريل حتى سبتمبر الماضي.
وإن تعمق البعض في الأخبار، وعلى سبيل المثال الخبر الأخير المتعلق بسودانير، نرى أن مشكلات أخرى كانت تُحيط بالموظفين العاملين بالشركة تتمثل في تأخر مستحقاتهم وسلب حقوقهم عبر تشغيلهم “ساعات إضافية” دون منحهم إجازات أو تأمين أو نهاية خدمة أو…إلخ.
إذن ألا يستحقُّ هذا التدني والإخفاق مراجعة أكبر من التي تمت، ووعود يمكن تحقيقها تُنفذ حقيقةً لا خيالاً؟
يبدو واضحاً أن الحكومة لم تسعَ بأن تُركز ولو على قطاع واحد كي يصبح منقذاً وقادراً على الإسهام.
الآن الوزارات بقطاعاتها المختلفة تعاني ولا حلول حقيقية عاجلة يمكن أن تُنقِذ.