في الأنباء أن ضابطاً برتبة عقيد في الحركة الشعبية شمال كان يتزعم أكبر عصابات النهب المسلح بالعاصمة، قتل في عملية تبادل اطلاق نار مع الشرطة التي كانت تتعقبه، ووقع هذا الاشتباك الذي أفضى لمقتل زعيم العصابة والقبض على ثلاثة آخرين بمنطقة الشجرة، وأوضحت صحيفة الانتباهة التي أوردت الخبر، ان هذا الضابط الذي يتبع لحركة مالك عقار يشغل فيها منصب مسؤول شؤون أسرى الحرب وله مكتب يطل على شارع النيل، وكانت هذه العصابة التي يتزعمها الضابط القتيل قد تورطت في عدد كبير من الجرائم تحت تهديد السلاح..
لقد تكررت أكثر من مرة مثل هذه التفلتات والجرائم التي ضلعت فيها بعض قوات حركات الكفاح المسلح، لتتحول الى قوات للنهب والتهديد المسلح، فمن قبل كانت مجموعة مسلحة من الحركة التي يقودها عضو مجلس السيادة الطاهر حجر، اعتدت على الصحافي عبد المنعم مادبو المحرر بموقع دارفور 24 الإخباري، أثناء ممارسته لعمله المهني بأحد مقار (اليوناميد) بمدينة نيالا، حيث انهالت عليه بالضرب المبرح والايذاء النفسي بتهديده والتلويح له بالسلاح والتنمر واساءة معاملته، قبل أن تحتجزه بعد أن قيدت يديه ب(الكلبشات) وكأنه مجرم قاتل، ومنعته من الاتصال بأي جهة حتى أسرته، بل وفي مساومة رخيصة الزمته بكتابة تعهد بعدم نشر ما تعرض له من ضرب واهانة مقابل إطلاق سراحه، ونذكر في الخصوص فضيحة نهب مقرات اليوناميد التي ارتكبتها قوات من هذه الحركات، حين هجمت على المقار وعاثت فيها نهبا وتخريبا، وأذكر في الفضائح أيضا اقتحام قوة مسلحة بكامل عتادها، تتبع لإحدى المليشيات المسلحة الموقعة على اتفاقية السلام، مقر اللجنة الأولمبية السودانية بالحديقة الدولية، واستولت عليه، وظلت بداخله رافضة الخروج، فاضطر الموظفون والعمال لإخلاء مكاتبهم.
وتكفي هذه الأمثلة التي أوردناها لتدلل بوضوح على أن هذه القوات ليست سوى مليشيات فوضوية وغير مدربة أو معدة لأداء مهام فرض القانون وليست قوات نظامية منضبطة، ومن هنا تأتي خطورة هذه المليشيات التي ما تواجدت داخل المدن الا بعد توقيع قادتها لاتفاق السلام، ولكنها للمفارقة بدلا من ان تعمل على نشر الطمأنينة وبث ثقافة السلام واحترام القانون، اذا ببعضها يعمد للسلب والنهب واستخدام قانون الغاب وممارسة الهمجية.. وتؤكد هذه الوقائع المؤسفة حقيقة المخاوف التي أبداها المراقبون والحقوقيون والمنظمات الحقوقية، من أن ترتكب هذه المليشيات العديد من الانتهاكات والتعديات، لجهة أنها ليست قوات نظامية منضبطة ومدربة التدريب الكافي، وما يؤسف له أكثر أن قادتها لم يفعلوا شيئا للجم تفلتات وتعديات قواتهم وكأنها لا تعنيهم في شئ بعد أن اصابوا نصيبهم من المناصب والمحاصصات، وهذا وضع اذا ما استمر على حاله هذا فالمؤكد ان القادم أسوأ، وهذا ما يفرض الاسراع في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية بدمج من يصلح للخدمة العسكرية في القوات النظامية وتسريح من لا يصلح، فالخطورة كل الخطورة أن يبقى وضعها على ما هو عليه الآن، والى أن يحدث ذلك يبقى على كل قيادات هذه الحركات أن يلجموا تفلتات جماعتهم ومحاسبة المعتدين والمتفلتين لايقافها عند حدها..