قام وفد المفوضية القومية لحقوق الإنسان بزيارة سجن كوبر قرابة الساعة الواحدة ظهراً، وتشكل من رئيس المفوضية حرية إسماعيل عبد المحسن، ونائبها أبونا يعقوب حمودة، وسبعة مفوضين في مقدمتهم البروف أبو القاسم، والأستاذ النور محمد إبراهيم، والمحامي جمال النجومي، والدكتور بشير محمد بشير، واللواء شرطة سجون معاش عماد مضوي، ومدير إدارة الشكاوى والرصد بالمفوضية وكاتبة هذه السطور.
* سجن كوبر شجرة المرفعين
توقفنا في حلقتنا الفائتة بالعنبر رقم (2) والنزلاء كل من البروفسور مامون حميدة وزير الصحة السابق، آدم الفكي، عبد الباسط حمزة والدكتور عبد الله حسن أحمد البشير شقيق الرئيس المعزول، والحاج عطا والدكتور نافع علي نافع.
ودوّنا بعض الإفادات المهمة لكل من هؤلاء المعتقلين، ثم دلفنا إلى العنبر (3) وهو عبارة عن صالون كبير جيد التهوية ومضيء تنعكس داخله أضواء النهار عبر النوافذ الكبيرة .. سكانه ستة نزلاء وهم مولانا/ أحمد هارون القاضي السابق ومساعد الرئيس. ود. حسبو محمد عبد الرحمن نائب الرئيس الأسبق ود. عثمان كبر نائب الرئيس السابق، ود. الفاتح عز الدين القيادي بالحزب الوطنى، ومحمد حاتم مدير الهيئة العامة للتلفزيون والإذاعة، ونور الدائم وصفته رجل أعمال وزوج شقيقة الرئيس المعزول.
يبدو واضحاً أن العنبر (3) فوض مولانا/ أحمد هارون للحديث نيابة عنهم وكان يبدو كالولد الشقي في إرسال قفاشته، وهو يرتدي “العلى الله” المخططة ويبتدر حديثه أو مرافعته جالساً على كرسي في منتصف العنبر وأرضيته نظيفة مفروشة بالأبسطة والأكاليم.
بدأ حديثه بتساءل: تحت أي قانون نحن معتقلون؟ ما هي المادة .. والجهة الآمرة بالاعتقال؟ ونحن لم نخضع لأي تحرٍّ أو يوجه لنا اتهام ؟ وأضاف قطع شك إحاطتنا بمدة ودواعي الاعتقال سيبقى حقاً أصيلاً نُطالب به..
وأشار إلى الأمر الثاني الذي استوقفهم ووصفه بالمقلق جداً وله معاناة .. وهو بيان رئيس المجلس صبيحة يوم 30 رمضان والذي تحدث فيه عن الراهن السياسي والعملية السياسية وأشار إلى ثلاثة أشياء من ضمن المهام محاسبة رموز النظام السابق، وأشار إلى الفساد.. وفي إطار التغيير التحفظ على رموز النظام، وقال إنه منذ هذا التاريخ نشأت محاكمة اجتماعية إعلامية رغم أنه لم توجه لنا أي تهم!!
*محاكمات اجتماعية
وقال أيضاً إن الناطق الرسمي في حوار مع جريدة الانتباهة في يوم الأربعاء 12/6/ قبل زيارة المفوضية للسجن يوم 13/6/ قال أصدرنا قراراً بإطلاق سراح كل المعتقلين سياسياً عدا المعتقلين بأسباب جنائية.
هذا التصريح من الناطق الرسمي للمجلس يؤكد أنه ليس من المطلوب لأي شخص معتقل أن يثبت براءته، فقد حصلت محاكمة اجتماعية إعلامية بدون مبرر، وهذا واضح في فقرتين :
الفقرة الأولى: حقوق الإنسان والحق في الحرية والعدالة، والفقرة الثانية: ليس من حق رئيس المجلس أن يتكلم أنه قد آن الأوان لترجمة الشعارات إلى واقع وهذا ينطبق على وضعنا .. لماذا نحن معتقلون وبماذا نحن متهمون؟ لأن الأساس قانوني على ضوئه يقول الرأي العام هؤلاء فاسدون؟ إذن في هذه الحالة أرني البلاغ.
*لائحة السجون
ويواصل هارون، إن الوضع يزداد قتامة بعد استفسارنا عن حقنا في الاستعانة بمحامٍ!! وأن هناك حداً أدنى للاعتقال 54 يوماً والآن لنا أكثر من 62 يوماً. وتحدث بمرارة كقاضٍ أن الجميع يعلم أن ياسر عرمان حوكم بعد إدانته في أحداث جنوب كردفان والنيل الأزرق بالإعدام .. وهز رأسه مندهشاً قائلاً هذه بلد تحتمل زول محكوم عليه بقتل الناس؟! .. في جنوب كردفان ياسر عرمان قتل 800 شخص محكوم جنائياً وأطلق سراحه !! وكنت مندهشاً وأنا بالسجن وياسر عرمان وهو من تسبب في قتل 800 شخص يسمح له بالمخاطبة من القيادة وأجهزة الإعلام؟ تحدث كثيراً عن تصريحات الناطق الرسمي بالجريدة يوم الأربعاء 12/6
تحدث أيضاً هارون عن لائحة السجون، وقال (إن إدارة السجن تبذل جهداً مقدراً، لكن ونحن وهي واقعون تحت الجهة الآمرة بالتحفظ علينا).
تحدث عن حقهم في ممارسة حريتهم الدينية، وعن حرمانهم عن أداء الصلاة جماعة لخمس “جمع” رغم أن هناك 6 مساجد بالسجن، وقال إنهم كمعتقلين يكملون نصاب الصلاة في جماعة.
وأشار إلى أنهم يسمعون قداس الأحد والخميس للإخوة المسيحيين، وهذا من حقهم أيضاً. بل أن المحكومين بالإعدام لهم الحق في أداء شعائرهم الدينية، وقال أمس أبلغنا مدير السجن بأنه مسموح لنا بمعاودة الصلاة في يوم الجمعة القادمة.
رمضان بلا تراويح
تحدث عن شهر رمضان وطقوسه، وأن صلاة التراويح وصلاة القيام تتطلب الصلاة جماعة. أي كل المعتقلين معاً.. مع وجود مقرئ، وأشار إلى العادات السودانية في تناول الإفطار كنوع من التكامل، وأنه في شهر رمضان ظلوا يطالبون بالقيام معاً بصلاة التراويح.
وقال إننا نشعر بأنه توجد حلقة مفقودة ما دون المجلس العسكري وأمام إدارة السجن، وإن هناك عدم وضوح قناة للتواصل.
وأشار أحمد هارون إلى معاناة بعض المعتقلين من أمراض مزمنة واحتياجاتهم لأطبائهم الخصوصيين بمقتضى اللائحة، وتأخر نتائج الفحص .. وأن طبيب السجن هو واحد لكل النزلاء وعددهم يقارب الألفي نزيل.
وأشار إلى مرض النزيل نور الدائم الذي تطلب حضور طبيب .. وجاءه الطبيب بعد 24 ساعة، وذكر احتياج فحوصات للفاتح عز الدين، وأشار إلى أن اللائحة تمنحك الحق في أن تتمتع بخدمة طبية على نفقتك وأن القرار طبي وليس إدارياً!!
تحدث أيضاً عن حقهم في الرياضة، وأنها جزء من العلاج، وتحدث عن سلامة النزلاء، مشيراً إلى يوم فض الاعتصام (قال انضربت ذخيرة كبيرة كل أنواع الذخيرة في ظل وجود قوات مشتركة، ووضع أمني دقيق في ظل أبواب مطبلة)، تساءل .. (ما هي إجراءات السلامة للنزلاء؟ فقد كانوا كطائر محجوز في قفص).
أيضاً تحدث عن السماح بالزيارات ولكنه يعتبره وضعاً غير مطمئن وقد لا يستمر.
وتساءل بأنه واضح هناك “حتة” مجهولة وما لم تحدد جهة ترفع لها البلاغات .. فان هذه كلها تعتبر قضايا فرعية.
وختم حديثه أنه ببيان 30 رمضان، أصبحنا نحن معرضين لمحاكمة اجتماعية وعززها حديث الناطق الرسمي. وأن ولاية الإشراف لدى النائب العام وأن الوضع الذي نراه يصادم حقنا القانوني.
وتساءل: لا بد أن نعرف شجرة المرفعين .. ما هي الجهة الآمرة، فهذه هي الحلقة المفقودة.
** سجن كوبر الأزهري ومصنع الرجال
ونحن في الطريق إلى العنبر (4) صرت أخمن من هم ساكنو العنبر، ونحن نمر عبر الممرات المتعرجة، سألت أحد السجانين من هم السكان الجدد ؟ قال لي ضاحكاً اعتبريهم مفاجأة:-
وقد كان .. كنت آخر الحضور إلى العنبر فقد سبقني زملائي أول من استقبلني الدكتور عوض الجاز مرحباً والجميع كان وقوفاً مرحبين الفريق عبد الرحيم محمد، حسين كمال إبراهيم والأستاذ/ علي عثمان محمد طه، والخامس كان طريح الفراش جلس مرحباً مبتسماً، وهو آخر وزير للشباب والرياضة فقط لمدة 13 يوماً. وكانت يده الممتدة للسلام ساخنة قدمه ملفوفة بالشاش وجلسنا.. عوض الجاز ابتدر الحديث قائلاً بغض النظر عن الأنظمة هناك حد أدنى على الحفاظ على حقوق الناس كان تعليقه على المقدمة التي دائماً ما تبدأ بها مولانا حرية إسماعيل حديثها بالتعريف عن الغرض من الزيارة، رد الأستاذ/ علي عثمان القيادي التاريخي بالحركة الإسلامية والمؤتمر الوطنى، أن الطريق لدولة القانون يكون متوفراً والمفوضية كمؤسسة وطنية تقوم بدورها وصلاحياتها بالوقوف على أحوال الناس.
– عوض الجاز أشاد بإدارة سجن كوبر، ووصف حالهم قائلاً: نحن في ذمتهم محبوسين لديهم والمحبوس لا يتمنى كما هو معروف إنما يتمنى بما هو متاح. وذكر أن لديه شكوى خاصة فقد تم الاعتداء على داره وأهلي والآن أسرتي مشتتة.. ذكر أنهم يسكنون خمس أسر في دارهم أبناؤه وأسرهم إضافة إلى والديهم .. وأضاف أن داره هذه قد سكنها قبل الإنقاذ وكان المكان عبارة عن مزارع – قال إن من سموا أنفسهم بالثوار اعتدوا على داره وقاموا بنهبها ولم يتركوا غير السواطير، والآن فقدت كل ما أمتلك عدا حيطان الدار حيث وجدت داري “مشلعة”.
– شكا بأنه لم توجه لهم تهم وهم يمضون الشهر الثاني وقال إنه ليس عضواً بالحكومة، وإنما لدي أعمال خاصة لم توجه لنا تهمة ولدينا سؤال ما هو جرمنا.. ولم نجد إلى الآن إجابة.
– كان يتحدث ونحن نسجل.
– تحدث بعده كمال الدين إبراهيم عبد الرحمن رئيس مجلس تشريعي ولاية نهر النيل التشريعي – قال إنه وزير سابق ومعتمد سابق ظل بالولاية أحد عشر عاماً بعيداً عن العاصمة ،وقد تم اعتقاله الثاني من رمضان تم اعتقالي من بيتي دون تقديم أسباب .. ولم يسمحوا لي بالزيارة الا في عيد الفطر.. مشيراً إلى أن الزيارة ليست بأمر إدارة السجن، وتساءل: لا أدري بأي سبب أنا معتقل فليست هناك إفادة.