يحلم المواطن في بلادي بأن يصل إلى ما وصل إليه الغير في ما يخُص مسألة الخدمات التي تهُم المواطن وطُرق الوصول إلى حلحلة مشاكلها وإزالة عراقيلها بسهولةٍ ويُسر ، ومن حقه أن يحلم في هذا الزمان البئيس الذي عزّت فيه الأحلام بأن يحيا في بلاده بلا معاناة ولن يبخل على شراء الخدمات (إن) وجدت في سبيل راحة نفسه.
انتشرت شائعة (حميدة) تحمل في أحشائها مشروع شراكة بين ولاية الخرطوم وإحدى الشركات الأجنبية لإنشاء نظام بوابات التعرفة المرورية وجاء المشروع (الشائعة) بإسم عابر ، والمشروع عبارة عن تسمية طُرق مُعينة في الخرطوم يستخدمها المواطن ببطاقة مدفوعة القيمة لا يتعرض فيها للاختناقات المرورية ، والنظام معروف ومعمول به في بعض الدول.
على غير العادة سارعت ولاية الخرطوم في نفي الخبر وبرأت نفسها من تفاصيله بل وهددت بمعاقبة من جاء بهذا الخبر المنسوب إليها.
واضح أنّ الخبر مضروب لأسباب كثيرة أهمها أنّ الولاية أصلاً بلا طُرق ، ومن حقها إن أنشأت بعض الطُرق المُحترمة أن تسعى لإيجاد حلول لفك الاختناق المروري حتى ولو يتحمّل المواطن المُقتدر نفقات الاستخدام ، وتترك الطُرق المجانية (المدعومة) للمواطن ليتحرك فيها بهدوء بعد مفارقة الأثرياء لها ، ولكن من يُفكِّر في مثل هذه الحلول عليه أولاً الشروع في بناء طُرق تستحق أن يدفع المواطن من ماله لاستخدامها ، وحال طُرق الولاية يُغني عن السؤال ، نقول للسادة وزارة الشؤون الهندسية يكفينا منكم اليوم (إن) استطعتُم الاجتهاد فقط في ردم الحفر العميقة في الطرقات الرئيسية ومعالجة التشوهات التي تُعيق حركة المرور في وسط العاصمة.
مما لا شك فيه أنّ الشائعة لم تأت من فراغ (رُبما) جاء أحدهم بها كفكرة عبقرية طرحها في إحدى اجتماعات الولاية لتدُر بعض الايرادات على الخزينة ، أو فكر بها بصوتٍ عالٍ أمام صاحبنا الذي لفحها وجاء بها إلينا ، ونسى أو تناسى هذا العبقرئ صاحب الفكرة أنّ الطرق الموجودة زاحمتها الأوساخ ، وتمددت فيها الأتربة ونقصتها من أطرافها وبعضها اختفى تماما.
الفكرة مقبولة ولا غبار عليها ولا تحتاج منكم للاسراع في نفيها وتهديد من خرج بها علينا ولكن لن تستطيعوا العمل بها في يوم الناس هذا ، وقبل أن تتنزّل على الواقع يجب عليكم الاجتهاد في توسعة وبناء الطرق وتشييدها بطريقة علمية حديثة تتناسب وحجم الولاية وكثافة السكان فيها واستيعابها مُستقبلاً لما قد يطرأ على الولاية من زيادة في السكان ، وقبل أن يتم هذا عليكم البحث عن طُرق أخرى تصلون بها إلى جيب المواطن لتغذية خزينتكُم ، بعيداً عن مثل هذه المشاريع المُتقدمة التي سبقنا عليها من اجتهدوا في تهيئة بلدانهم وإقناع مواطنيهم بأن يدفعوا مقابل الخدمات الممتازة التي تقدمها لهم الدولة.