الخرطوم : الأماتونج
مع بداية الانقلاب العسكري في السودان في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 ازداد توتر الأوضاع بشدة بين الشقين المدني والعسكري في البلاد. جاء ذلك بعدما أعلن القائد العام للقوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان – رئيس مجلس السيادة في السودان – حالة الطوارئ، وحلّ مجلس السيادة المكون من شق مدني وآخر عسكري، كما حل مجلس الوزراء واحتجز رئيس الوزراء المدني عبد الله حمدوك (أُفرح عنه لاحقاً) وعدد من الوزراء والقيادات المدنية في قطاعات مختلفة.
خرج الآلاف من السودانيين إلى الشوارع مطالبين بإنهاء الانقلاب العسكري وعودة المدنيين إلى الحكم، لكن قوات الأمن والميليشيات السودانية (وبالأخص قوات الدعم السريع) واجهت التظاهرات ليس فقط بالرصاص الحي العادي، وإنما بأسلحة يمنع استخدامها ضد المدنيين، وكان منها أسلحة مضادة للطائرات وطلقات خارقة للدروع.
وثق عدد من النشطاء السودانيين عدة حوادث مريعة نتج عنها مقتل أكثر من 40 سودانياً وإصابة العشرات بسلاح قوات الأمن السودانية منذ وقوع الانقلاب. ومنذ ذلك التوقيت، استخدمت قوات الأمن السودانية الذخيرة الحية بشكل مفرط، إلى جانب الغاز المسيل للدموع، بهدف تفريق الاحتجاجات التي نظمت اعتراضا على استيلاء الجيش على السلطة.
لكن قيادات الأمن السوداني – وعلى رأسها البرهان وحميدتي – نفت بشكل قاطع تورط تلك القوات في أي عمليات قتل للمتظاهرين، فيما أكدت لجنة أطباء السودان أكثر من مرة في بيانات لها أن قوات الأمن السودانية تستخدم الذخيرة الحية في مواجهة المتظاهرين في الخرطوم. وهو ما أكدته تقارير طبية تلقتها DW عربية من مصادرها بالسودان، حيث أشارت تقارير الصفة الشريحية لعشرة وفيات على الأقل إلى أن سبب الوفاة هو الإصابة بطلق ناري.
التعامل شديد العنف من قبل قوات الأمن وميليشيات الدعم السريع أثار انتقادات دولية، وهو التعامل الذي أشارت إليه منظمة العفو الدولية بوصفه تم باستخدام “القوة المميتة”، إذ قالت ديبروز موتشينا المدير الإقليمي لبرنامج شرق وجنوب إفريقيا في منظمة العفو الدولية “إن التصعيد في استخدام القوة المميتة من قبل السلطات الأمنية في السودان في الأسبوعين الماضيين كان مدروساً لترهيب وقمع الاحتجاجات في الشوارع ضد استيلاء الجيش على السلطة الشهر الماضي.
وقالت المنظمة إن “قتْل العشرات من المحتجين العزل يدعو إلى إجراء تحقيق فوري ومستقل ومحايد لضمان المساءلة عن عمليات القتل، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي زُعم أن قوات الأمن قد ارتكبتها. ويجب على السلطات التحقيق في عمليات إطلاق النار المميتة للمحتجين العزل، والسماح بمراقبة هذا التحقيق دولياً، ومحاسبة المسؤولين”.
لم يكن من الممكن مع الانقطاع المستمر للانترنت في البلاد الوصول إلى ما يكفي من المواد سواء صور أو فيديوهات توثق عمليات إطلاق النيران والقتل أو الإصابات بين صفوف المتظاهرين. لكن تمكن عدد من النشطاء من إرسال ما قاموا بتوثيقه إلى آخرين نجحوا في تحميل تلك المقاطع على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة. وصل عدد كبير من هذه الصور والفيديوهات إلى DW عربية.
أكد النشطاء السودانيون أن قوات الدعم السريع والأمن السوداني يستهدف المتظاهرين العزل بسلاح ثقيل – ومنها المدافع المضادة للطائرات – الأمر الذي نتج عنه إصابات مباشرة أدت لوقوع وفيات. ووثقت التقارير الطبية التي وصلتنا من نشطاء سودانيين حالات وفاة متعددة نتجت عن الإصابة المباشرة بطلقات نارية (لم يحدد نوعها) استهدفت الرأس والصدر بشكل مباشر.
DW عربية