تحت عنوان (شراكة المواطن..الدولة أم الحكومة ؟!)، كتب الصحافي الكبير محمد لطيف من بين ما كتب في عموده المنشور أمس بالغراء صحيفة السوداني، أن صديقاً في مؤسسة سيادية قدم له.. ولمرتين.. عرضاً للتزود بالوقود من محطة خاصة..مجاناً بالطبع..وصديق آخر في مؤسسة أمنية عرض عليه هو الآخر..تزويده بالوقود من أي محطة خدمة..في أي وقت ومجاناً أيضاً..ويقول لطيف أنه رفض العرضين..ببساطة لأنها منحة من لا يملك لمن لا يستحق..ليبقى السؤال..كم مسؤول يمارس ذات السلوك..؟ وكم ممن لا يستحقون يحصلون على تلك المنح..؟ وكل هذا خصماً على حقوق المواطن وعبئاً على الإنفاق العام، وفي فقرة أخرى من العمود يقول لطيف إن الحكومة أعلنت أنها قررت تحرير الأسعار.. وفقاً للسوق العالمي.. وعطفاً على هذا القرار يطرح الصحافي الكبير سؤالاً استنكارياً مؤداه فهل التزمت الدولة بما أعلنت..؟ وهل تركت السعر المحلي محكوماً بالسعر العالمي فقط .. ؟ ويجيب لطيف بنفسه فيقول إن الواقع يقول غير ذلك .. فالرسوم الحكومية المفروضة على لتر الوقود تكاد توازي سعره العالمي .. إن لم تفقه .. فعن أي تحرير تتحدث الدولة ..؟ إن خفض الرسوم الحكومية .. إن لم يكن إلغاؤها بالكامل .. هو مسؤولية الدولة الأخلاقية والسياسية الآن .. قبل أن تحدث المواطن عن أي إصلاح..
ان ما كشفه الصحافي الكبير وهو عندنا من الصادقين، يؤكد أن هنالك فساداً بيناً في عملية توزيع الوقود وان هنالك من يحصلون عليه مجاناً، ليس من مسؤولي الحكومة فقط وانما تطال هذه المنحة والمكرمة حتى المحظيين من المعارف والأهل والأصدقاء المقربين لهؤلاء المسؤولين، واذا كان لطيف مشكوراً قد رفض الولوغ في هذا الفساد، فما الذي يمنع بل الراجح جداً أن يكون هناك الكثيرون يستمتعون بهذا الوقود المجاني ويحصلون عليه من طلمبات خاصة دون ان يقفوا في صفوف، وهذه والله ممارسة فاسدة تعيد للأذهان حكاية (أولاد المصارين البيض) خلال العهد البائد، وأولاد المصارين البيض هم من كانوا خلال عهد الفساد من طبقة أولاد الذوات والقيادات وشباب ومنتسبي الحزب الحاكم والأحزاب المشاركة في الحكم، (يعني حيكونوا أولاد الغبش الواقفين صفوف وناس قريعتي راحت)، وإنما كانوا فئة مخصوصة ومحظوظة ينالون ما لا يطاله غيرهم من غير أولاد المصارين البيض، وأذكر تماماً أنه عندما تفشت ظاهرة (أولاد المصارين البيض) هؤلاء خلال العهد البائد وتكاثرت الأقاويل حولها، اضطر الرئيس المخلوع لتناولها في احدى خطبه العنترية، فأعلن كاذباً غير صادق عن اجتثاثها قائلاً (تاني مافي أولاد مصارين بيض)، وللأسف الاسيف أن تظهر في عهد الثورة طبقة جديدة من أولاد المصارين البيض..أما اشارة لطيف للرسوم الحكومية المفروضة على لتر البنزين والتي تتسبب في ارتفاع أسعاره بما يوازي الأسعار العالمية ان لم يفقها، فهي اشارة حقيق بالحكومة أن تقف عندها وتلغي هذه الرسوم لتخفيض سعر اللتر عن هذا السعر المهول المعلن علها تخفف عن العباد شيئا من هذا الضنك والمعاناة..