مــذاق الحــروف
أتمني من كل قلبي ألا يصر الحزب الحاكم وأنصاره بالخرطوم علي تسير الموكب المزمع تحريكه والذي تم الاعلان عنه لغرض النصرة والتأييد يوم الاربعاء القادم بالساحة الخضراء ، وذلك لعدة أسباب أولها وأهمها الحرص علي أمن وسلامة الطرفين : الموالي والمعارض ، حيث أن كلاهما مواطنين سودانيين يفترض أنهم يتمتعون بنفس الحق في المحافظة علي حياتهم وعدم تعريضهم للخطر ، ولا يفرق بينهم إلا اختلافهم في بعض الاراء .
الحزب الحاكم يعرف جيدا مدي الاحتقان الذي يسيطر علي شريحة ليست بقليلة من الشعب السوداني للدرجة التي جعلتهم يخرجون الي الشوارع يهتفون ويطالبون بسقوط النظام ، ويدرك الحزب الحاكم ايضا أن هؤلاء المحتجين تعرضوا للعنف الشديد من قبل الشرطة والجهات الأمنية الاخري للدرجة التي ازهقت معها بعض الارواح ، وكل ذلك يساهم بالضرورة في زيادة درجات الاحتقان والشعور بالظلم -أو قل بالغضب علي أقل تقدير – هذه المشاعر السالبة قد تدفع بعض المحتجين للتعرض الي مواكب المؤيدين أو تجعلهم يندسون بينهم ويرددون هتافات عكسية لما يخطط منظمو مسيرة التأييد ، والخوف كل الخوف من وقوع مصادمات بين الطرفين حيث يصعب حينها التفريق بين الفصيلين الا من خلال ما يقولون ، وقد يحدث جراء ذلك ما لايحمد عقباه .
خلاف كل ذلك فالمسيرة نفسها لن تدل علي اي شئ علي الاطلاق مما يخطط له القائمون عليها ، ولن تنجح في عكس الصورة المطلوبة ولا ايصال الرسالة التي يريدون ارسالها ، وذلك لسهولة القدح في مصداقية الخارجين وهوياتهم مهما بلغت أعدادهم ، وذلك لسهولة تجميع أي عدد مطلوب بواسطة من بيده مقاليد الامور ، حيث لا غاز مسيل للدموع سيطلق ، ولا رصاص سيفرق الجموع ، بل المتوقع تسهيل مشقة وصول المشاركين الي هناك بتوفير وسائل النقل وربما بعض المعينات الاخري ، وحينها لن تكون المقارنة عادلة بين المسيرة التي دعي لها ( الوطني ) وسابقاتها التي دعي لها تجمع المهنيين .
من ناحية اخري فقد اثبتت التجارب السابقة التي شهدتها بعض البلاد العربية من التي خرجت فيها الشعوب علي الانظمة الحاكمة أن هذا الاسلوب لاينجح ، وأن محاولة تسيير المواكب المضادة التي تحاول اثبات شعبية الانظمة وكثرة مناصريها في الغالب تقود الي تصعيد الامور وانفراط الامن أكثر مما تقود الي الهدوء ، ولانجد علي ذلك اي داع لتكرار تلك التجارب – وما مسيرة نصرة القذافي ببعيدة عن الاذهان .
وفي الختام نقول أن الجهود التي سيبذلها الحزب الحاكم في انجاح هذه المسيرة ، والاموال التي سيتكلفها لذاك الغرض من الأولي أن تذهب في بنود اخري تحاول الاصلاح من اجل تهدئة الامور ، الحكمة مطلوبة أكثر من محاولات الاثبات في مثل هذه المواقف وهي ما نطالب به من خلال هذا المقال ، والله المستعان ,,,.