(أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب) مثل مصري معروف ويستخدمه كثير من السودانيين أيضا، ولو أردنا مقابلته بآخر سوداني صميم سيكون ذاك الذي فحواه (بالنهار يسبح وبالليل يضبح) ، والمثلان السوداني والمصري يعريان ما ظل وما زال الانقلابيون يسمعوننا له من أحاديث جزافية حول احترامهم وصونهم لحقوق الانسان وتعهداتهم بعدم استخدام العنف واراقة دماء المتظاهرين السلميين، حين يلتقون الاجانب والمبعوثين الدوليين والمؤسسات الدولية المعنية بحقوق الانسان، بيد أننا في حقيقة الأمر وواقعه ، لا نرى على الأرض الا ما يخالف هذه الاقوال المرسلة والتعهدات المضروبة، فالانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان مازالت مستمرة وقتل المتظاهرين مازال متواصلا حتى بلغ عددهم 99 شهيدا، وفي ذلك دلالة على ان للانقلابيين لسانين أحدهما كاذب ومراوغ، كما أنهم يتخذون أسلوبين ومستويين في التعامل مع حقوق الانسان، الأول له علاقة بالقول المجرد الذي يتبدد في الهواء، والثاني له علاقة بالفعل، وهذا التناقض بين التصريحات المشفوهة وبين الواقع المعيش، يدل على أن هناك فرق كبير بين ما يقوله الانقلابيون و بين ما يفعلونه عمليا وأن تلك الأقوال ما قيلت الا للاستهلاك واسترضاء الاجانب أو قل الخوف منهم.. (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)..
وبمناسبة زيارة خبير الأمم المتحدة المعين المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان الخبير أداما ديانغ للبلاد وعطفا على مؤدى المثلين اللذين أوردناهما عاليه، فقد تم (ضبط) قائدي الانقلاب الفريقين البرهان وحميدتي وهما يقولان كلاما طيبا عن حقوق الانسان للخبير ديانغ، وكان مما قاله البرهان لخبير حقوق الانسان عند لقائه به، أنهم حريصون وملتزمون بقضايا حقوق الإنسان بإعتبارها جزءا اصيلا من عقيدة وعادات وتقاليد الشعب السوداني، ومن جانبه أكد حميدتي عند لقائه الخبير، التزامهم بالتعاون مع جميع آليات الأمم المتحدة،ومجلس حقوق الإنسان، لترقية وتطوير حقوق الإنسان بالبلاد، داعيا إلى أهمية التعاون مع السودان بما يعزز الجهود الوطنية التي تسهم في تحقيق الاستقرار في المجالات كافة، مشيرا إلى اهتمامهم بمتابعة تنفيذ كافة التوصيات المتعلقة بترقية حالة حقوق الإنسان بالبلاد، إلى جانب متابعة القضايا والتطورات التي تحدث من وقت لآخر في جميع أنحاء السودان..يقيني أن خبير حقوق الانسان عندما سمع هذا الكلام من قائدي الانقلاب البرهان وحميدتي، قال متعجبا في سره (أسمع كلامكم أصدقكم أشوف أموركم استعجب)، فالخبير الحقوقي الذي اسمعه البرهان وحميدتي كلامهما المخاتل كان قد شهد بنفسه الانتهاكات الفظيعة، فقال عنها بالحرف (أولاً، أود أن أقول إنني صدمت بمقتل شاب أمس اثناء التفريق العنيف للاحتجاجات من قبل قوات الأمن بمناسبة احياء ذكرى مجزرة فض الاعتصام في 3 يونيو المؤيد للديمقراطية في الخرطوم عام 2019. لقد دعوت كما دعا العديد من الآخرين – إلى ضبط النفس أمس. ومع ذلك، يبدو أن هذه الدعوة لم يتم الاستجابة لها، ووفقًا لمعلوماتنا، تم استخدام الذخيرة الحية لتفريق المتظاهرين. لا يمكن أن يكون هناك مبرر لإطلاق الذخيرة الحية على المتظاهرين العزل. وبحسب ما ورد توفي هذا الشاب بعد إصابته برصاصة في صدره. هذه مأساة – كل حالة وفاة هي مأساة للسودان – شاب آخر تعيش عائلته في حداد اليوم. يجب التحقيق في قتله على الفور، ومحاكمة الجناة. سأتابع هذه القضية وغيرها من حالات انتهاكات حقوق الإنسان في حواراتي المستمرة مع السلطات..