حسب ما نقلته ابنتنا الصحفية سعدية صديق بصحيفة “التيار” أمس ، أن السيد يوسف كِبِر نائب رئيس الجمهورية قال في خطاب موجه لولاة الولايات أن العام القادم 2019 صعب ملبد بغيوم التحديات، وطالبهم بـ)صَرّة الوجه وكسر العضم(.. ولتأكيد المعنى قال لهم )أنتم الطلقة الأخيرة لإصابة هدف الإصلاح، أما أن ندفع ثمن الإصلاح الآن ، أو عدم الإصلاح لاحقاً..(
وكما تعود ضيوف الإذاعة والتلفزيون على عبارة )أنا من هنا أحيي..( فأنا شخصياً )من هنا أحيي( السيد نائب الرئيس لأنه وبهذه الكلمات أثبت جدارته المستحقة للمنصب.. فمن أهم مؤهلات من تضعه الأقدار في العوالي.. أن يدرك جيداً الحكمة التي تنص )لسانك حصانك.. إن صنته صان كرسيك(.. فيتحدث دون أن يقول شيئاً.. فلو تحدث لساعة كاملة لا يجد المستمع إلا أن يسأل من يجلس جواره )هو النائب كان عاوز يقول شنو؟(
الحقيقة لا أعرف كيف سينفذ السادة الولاة برنامج )صَرّة الوجه( الذي طالبهم به نائب الرئيس، فالبلاد أصلاً تكابد حالة )صَرّة وجه( بالغة الشدة.. في كل أوجه العمل العام.. السياسة، والاقتصاد والصحة والتعليم وحتى الرياضة والفن.. حيثما نظر فإن )الوجه المصرور( هو شعار المرحلة.. فماذا يقصد نائب الرئيس بمطالبته الولاة ضخ مزيد من )صرة الوجه(؟
صحيح العام القادم 2019 تبدو إرهاصاته غاية في التعقيد والخطورة، ليس من واقع الأرقام الماثلة أمامنا حالياً فحسب، بل لكون البلاد تكابد حالة غياب كامل لأية رؤية أو خطة استراتيجية.. أقصى ما تفكر فيه الحكومة الآن هو إصدار موازنة الدولة للعام 2019 وإجازتها بوابل من التصفيق الحاد في البرلمان.. ثم تصريحات من النطاق الرسمي للدولة أن )الموازنة لا تحمل رفعاً للدعم ولا ضرائب جديدة(.. بعبارة أخرى أن برنامج الحكومة هو تفاصيل ما سيرد في الموازنة، ومن هنا تأتي المصيبة الكبرى.. ليس في ما تشتمله الموازنة بل لأن الشعب كله يعلم أن كلمة )موازنة( هي في نفسها أكذوبة كبرى.. لأنها مجرد أرقام يجيزها البرلمان، ولا ينقضي الأسبوع الأول من الشهر الأول في العام الجديد وتنفذ الحكومة برنامجاً آخر لا علاقة له بالأرقام التي أجازها البرلمان… حدث هذا في السنوات الماضية.. وكان أظهر ما يكون في موازنة العام الحالي 2018.. بالله راجعوا الأرقام التي أجازها البرلمان، ثم تلك التي ظهرت في تقارير الأداء..
)الموازنة( ليست برنامج عمل لعام كامل كما هو مفروض نظرياً.. هي مجرد إجراء روتيني تدفع به الحكومة للبرلمان ليتداول ويهدر فيه الوقت الثمين.. ثم بعد ذلك )الله كريم(.. تسير الأحوال حسب ما تدفع به الرياح..
فإذا كان مطلوباً من الولاة الاستعداد ببرنامج )صرة الوجه( للعام 2019، فما المطلوب من الشعب ؟؟
وعلى قول الشاعر إيليا أبوماضي:
قال السماءُ كئيبةٌ! وتجهماً
قلتُ ابتسمْ يكفي التجهم في السما!