قال رئيس حزب الامة القومي فضل الله برمة ناصر ان أعداداً كبيرة وصلت الى محيط القصر الجمهوري في الذكرى الثالثة لثورة ديسمبر، لكن ليس لهم منصة ولا خطاب، وأضاف متسائلاً (طلعتو لي شنو)، واضاف برمة في تصريح لصحيفة السوداني ، كان يجب أن يكون لدى الثوار خطاب فيه مطالبهم للجهات المسئولة ومنصة ليتحدثوا منها وعده دليلاً على ان العمل فيه نوع من المرحلة ودليل على انهم ليسو على قلب رجل واحد او امرأة واحدة، وتابع: هذه سلبيات التظاهرات ولابد من معالجتها.
وبالمقابل أكد برمة ان تظاهرات ١٩ ديسمبر كانت بها ايجابيات عديدة أخرى من بينها ان الخسائر قليلة قياساً بالخسائر الماضية بدليل ان الثوار سلكوا سلوكاً سلمياً وقوات الشرطة لم تستخدم الا الحد الأدنى من القوة لفض المظاهرات مشيراً الى التلاحم بين القوات المسلحة والثوار وقال هذا أمر عظيم اننا حققنا شعار جيش واحد شعب واحد).
وغريب ان يقرأ رئيس حزب الامة ملحمة ١٩ ديسمبر بهذه النظرة السطحية القاصرة وهو الرجل السياسي ذو الخبرة العريضة والباع الطويل في المجال السياسي
فالتظاهر أحياناً لا يحتاج ابداً الى منصات ولافتات وخطابات الاحتجاج أحياناً يكون بالصمت وعدم التعبير وربما يكون أبلغ من الف كلمة، فبربك ماذا يعني خروج عشرات الملايين من المواطنين الى الشارع ان لم يكونوا على قلب رجل واحد ، وهل هذا يحتاج الى تعبير او خطاب ام منصة ، فخروج هذه المواكب وعدم تخطيطها مسبقاً لضرب خيام الاعتصام أمام القصر هو أكبر دليل على عفويتها وصدقها.
وبرمة ناصر يختصر كل هذا الشموخ للثورة ونجاح مواكبها التي سطرت يوماً جديداً وعظيماً في سجلات التاريخ، ولا يرى فيها إلا النقصان كالذي ينظر للبدر في ليلة تمامه ولا يشغله إلا التفكير في ماهي تلك البقعة السوداء فيه.
فالثورة لا ينقصها خطاب او منصة، الثورة ياسيدي ينقصها قرار عجز عنه البرهان ولجنته الأمنية ، فهذه المليونيات في عيد الثورة كانت تحكي عن الف خطاب وكانت تنصب الف منصة ورفعت مئات الشعارات وقالت عشرات العبارات وبعثت رسالتها كاملة دون نقصان، الثورة لا تحتاج الى خطاب لكنها تحتاج الى مستمع ، ولا تحتاج الى منصة لكنها تحتاج الى رجل منصة يترجم شعاراتها الى الواقع وان أردتم ان تفهموا ذلك لفهمتم، لكنكم لا تريدون.
ومؤسف ان يتساءل برمة ( طالعين لشنو ) وهو اول من يعلم ويدرك الإجابة ومابعدها ، وهل مطالب الثورة لا يعرفها القادة إلا اذا كتبت على ورق ، ام انها العمليات الحسابية السياسية التي ليس من الضرورة ان يكون الناتج فيها صحيحاً.
ويبالغ برمة ناصر في وصفه ويحكي بنشوة وإعجاب عن التلاحم الذي حدث بين افراد القوات المسلحة والثوار ( التلاحم ياتو ) ؟!
فالثورة تحترم المؤسسة العسكرية وان هتفت بذلك الشعار فهي تريد من القوات المسلحة ان تنحاز الى الشعب السوداني حقاً، وبرمة ناصر يعلم تماماً ان القوات المسلحة مازالت تقف بجانب قائدها وتسانده وتنحاز اليه فان لم تتقدم القوات المسلحة نحو الشعب خطوة فكيف يحدث التلاحم.
فقضيتنا ليس في الخطابات والمنصات، قضيتنا أكبر من هذا بكثير إن أقر بها برمة او أنكرها ، وهو يحاول ان يرمم الجُدر المتصدعة بين العسكر والثوار ويتحدث عن علاقة وهمية غير موجودة فالمواكب طالبت البرهان واللجنة الأمنية بالتنحي والمحاسبة وناشدت المؤسسة العسكرية بعزلهم ، وهي تعتبر ان وجود البرهان على رأس المجلس السيادي أكبر كوارث الفترة الانتقالية، وهذا الذي غض رئيس حزب الامة الطرف عنه، قصدا دون سهو .
طيف أخير:
الرحمة والمغفرة لشهداء الثورة وعاجل الشفاء للمصابين وسلامات لزملاء المهنة الذين أصيبوا في مواكب ١٩ ديسمبر.