كثيراً ما قُلنا لمن يُحاولون السير في طريق الغتغتة المُظلم المُتعرِج الذي أوصلت به الإنقاذ السودان إلى هذا الوضع البئيس، بأنّ الطريق لن ينتهي بنا إلّا إلى نفس المصير، فاسلكوا طريق الشفافية فإنّه الأصلح لمن يُريد للسودان العبور، ولمن يُريد له الوصول بسلام إلى شواطئ دولة المدنية المنشودة، ووطن العدالة المفقودة، وهل بينهم من حي يسمع يا تُرى..؟، والواضح أنّ من ناديناهم في زُمرةِ الموتى يُحسبون، وكأنّك يا شعبنا العظيم لم تخرُج لثورتك بعد، وكأن الإنقاذ ما زالت باقية فينا تُدني من يُوالي، وتُقصي من يُخالف، ومن جاءت بهم الثورة يُمارسون الغتغتة في أبشعِ صورها.
خرج علينا الأستاذ التوم هجو رئيس مسار الوسط بتفاصيل ما يدور في كواليس المسرح السياسي المُضطرب، بعد دخوله للمُشاركة في الحكومة عبر بوابة اتفاقية جوبا للسلام، ودعم بحديثه ما نادينا به وحذرنا منه في قوله بأنّ القادة يطلبون منهم في داخل القاعات المُغلقة بأن لا يخرجوا للناس بما يدور بينهم في داخل القاعات.
حدثنا بحسرةٍ عن حكومة يسعى قادة مكوناتها إلى تمكين أنفسهم بطريقةٍ لن توصلنا إلى دولة المدنية المُبتغاة، لقد نقل الشيخ التوم في كلمته القوية في الفيديو المُتداول بكثافة ما يدور في غُرفات الحكومة المحمية بالسلطة والتي يُحاول البعض اغلاقها باحكام أمامنا حتى لا نطلع على ما لا يُريدون لنا الاطلاع عليه، نقل لنا بشفافية تلك الصورة القاتمة لمسيرة حكومة يسعى كُل من جاءت به الصدفة للجلوس في أحد مقاعدها إلى تمكين نفسه وحزبه، وليذهب المواطن إلى جحيم الفوضى ولهيب المُعاناة.
أرسلنا من قبل عبر الزاوية رسالة لقادة الحكومة الانتقالية نقلنا لهُم فيها ما يحدُث في إحدى ولاياتنا، إذ قام الوالي المُكلّف وقتها بإرسال كشف بأسماء مجموعة من رفاقه بالحزب لتعيينهم كقيادات في إحدى الوزارات في تلك الولاية وقد رفضت الوزيرة المعنية تعيينهم، وكشفت للإعلام مُخطط الرجُل التمكيني في زمانٍ ما زالت الثورة فيه غضة طرية، وها هي الأيام قد أثبتت لنا بأنّ سياسة الولاء والانتماء هي المعمول بها، رفيقي ورفيقك، صاحبي وصاحبك، ما زالت هي المعيار للاختيار.
حديث هجو أكد لنا بأنّ من يُعرقلون مسيرة الثورة هم من يقودون قطارها في يوم الناس هذا، ويتمثّل ذلك في تجاهلهم لأي دعوة تُنادي بقيام المجلس التشريعي حتى لا ينقل فيه الأعضاء للشعب الصراع الذي يدور بين أعضاء الحكومة، مع حرصهم على الإيتاء بولاةٍ للولايات عبر مُحاصصة تنال فيها الأحزاب الصغيرة التي تفتقد للقاعدة حصتها، ويذهب الوالي لولاية لا وجود أو أثر للحزب الذي ينتمي إليه فيها، وما من حلٍ أمامه سوى استقطاب عُشاق السلطة في الولاية وتعينهم في الوظائف القيادية ليستمد قوته منهم ويُصبحوا أعضاء في حزب لو جمعوا جُملة الأعضاء فيه لن تمتلئ بهم حافلة رُكاب حسب قول الرجُل.