زمان.. )مش بعيد أوي( كان نظام تشغيل الكمبيوتر اسمه )دوس(.. وكان طفرة كبيرة في التكنولوجيا.. وكانت في الخرطوم معاهد ومراكز كثيرة تقدم دورات لتعليم العمل بهذا النظام، وتمنح شهادة على ذلك.. هذا النظام ظل عاملا حتى وقت قريب ربما حتى بداية الألفية.. ومرّ الزمن وطوى )دوس(، وتتابعت نظم التشغيل الحديثة، وتتالت إصداراتها للدرجة التي أصبحت تتغير كل عام وربما أقل.
هذه ليست حصة في الكمبيوتر.. صبرا قليلا تابعني!.
مع تقدم الزمن والتكنولوجيا استحدثت برامج وأجهزة كمبيوتر جديدة باتت لا تحتاج حتى إلى تعليم أو تدريب؛ فهي متطورة بما يفي بإنجاز عملها دون حاجة إلى خبرة أو تخصص في الكمبيوتر.
هذه البرامج والأجهزة الحديثة لا تستطيع العمل بنظام التشغيل القديم )دوس(.. ورغم تقدمها إلا أنها تصبح معطوبة متعطلة- تماما- في بيئة )دوس(، ولا يمكن أن تعمل إلا بتحديث نظام التشغيل وترقيته ليلائم تكنلوجيا الْيَوْمَ.
هذا هو بالضبط حال دولتنا السودان الْيَوْمَ.. دولة بنظام )دوس(.. أنى لها أن تواكب أو تعمل، وقد تجاوزها الزمن، وطوى المفاهيم التي تأسست عليها، وهي لا تزال تتشبث بها.
لا فائدة من أي إصلاح في الدولة إن لم يتغير )دوس( بنظام تشغيل مواكب.. ولهذا يحزمني الحزن وأنا أطالع حال الوطن من خلال تصريحات المسؤولين.. خاصة الوعود التي يجزلونها في الهواء الطلق.. وعود تطلق من منصة )دوس( لعالم بات يلهث عدوا يسابق الزمن.
مشكلة السودان في المفاهيم والعقلية التي تدير الشأن العام فيه.. في كل المستويات.. عقلية تعمل بنظام )دوس(، فكيف نتوقع أن تنجز مشروعات أو تنمية تصلح لعالم الْيَوْمَ.
لا حاجة لـ )فرمتة( الوطن، ودكه دكا لإصلاح الحال.. الأمر أسهل من ذلك كثيرا.. تماما يشبه حال تكنولوجيا اليوم السهلة.. تكنلوجيا )شاشات اللمس(.. صدقوني من الممكن حل الأزمة المستعصية باقل ألم ممكن.. سأشرح لكم.
الساسة المتشبثون بالحكم مستعدون للتضحية بالأم والجنين معا.. في سبيل الخلد.. والسادة المعارضون مستعدون- أيضا- لقطع عنق الثور، وكسر “الزِّير” حسب نصيحة )البصيرة أم حمد( قطع رأس الوطن وكسر رقبته؛ لإخراج الثور من ورطة الزير.. فلماذا لا نستنبط معادلة على سياق مقالة سادة قريش.
إعادة هيكلة طفيفة لا تحتاج سوى )بنج موضعي(، نعيد هيكلة الوطن؛ لتصبح )طبقة السياسة( قمة صغيرة في أعلى سنام الهرم لا تتداخل أو تتدخل في ما أدناها من الطبقات Layers.. السياسي أيا كان موقعه يحكم لكن لا يدير.. مثلا الوزير في الهيكل الوزاري يحكم الوزارة لكنه لا يديرها.. تلك مسؤولية الوكيل ومن هم أدنى.. نفصل السلطة عن الثروة.. فيصبح السادة مجرد رموز حاكمة لكن الإدارة في يد طبقة الإدارة وليس السياسة.
الفكرة سهلة لأن تطبيقها لا يتطلب سوى ترقية upgrading إلى نظام تشغيل الوطن.. ما رأيكم.. وقبل أن تجيبوا حاولوا أن تعرفوا ما المقصود من مقالة سادة قريش!.