والشاعر الكبير محمد مفتاح الفيتورى، في إحدى روائعه يقول، (يسقط بعضهم لأنه يرى ولا يرى، ويسقط بعضهم لأنه يسير القهقرى، وأشد أنواع السقوط مرضا هو السقوط في عين الرضا).
(1)
ونعوذ بالله من عقل لا يقبل الرأي الآخر، ولا يقبل الاستفادة من تجارب الآخرين، بل يقرر وينفذ مايراه هو وطاقمه، هو الصحيح، دون الالتفات الى أي أفكار واطروحات ومعالجات أخرى ربما كانت أفضل مما جاءوا به، ولكن كيف يتحقق ذلك، وأهم مكونات الفترة الانتقالية، يتم تغييبه عمداً ومع سبق الاصرار؟.. بل ويضعون العربة أمام الحصان حتى لا يتحرك الحصان ، أقصد المجلس التشريعي، الذي كانت ستكون له الكلمة الفصل في أصعب القضايا.
(2)
فقد حزمت الحكومة الانتقالية الأمر وقررت المضي الى نهاية الشوط والعمل بكل توصيات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ولا عزاء لأي معترض أو رافض، وقررت العمل بسياسة السعر المرن للدولار وتدويره، بلغة الاقتصاديين، وتعويم الجنيه، بلغة عامة الناس، وقد جاء خبراء الاقتصاد في العهد البائد، بشيء مشابه لهذه السياسة الخديج أو (الخلاقة) تعويم الجنيه، وفي فترة رئيس وزراء الحزب البائد، معتز موسىى أتوا بسياسة آلية صناع السوق، حيث كان للدولار ، أكثر من سعر خلال ساعات اليوم الواحد، ولكن هل حققت آلية صناع السوق أي نتائج ملموسة؟ الاجابة انها زادت الطين بلات كثيرة.
(3)
والسؤال لحكومة الفترة الانتقالية، ماذا أعددتم لما بعد تعويم الجنيه؟ ماهو علاج هذه الصدمة الاقتصادية الجديدة؟ هل تم توفير احتياطي من النقد الأجنبي؟ هل تم توفير مواصلات باسعار معقولة ومقبولة؟ هل هناك ضمانات أن تكون البنوك وحدها من بيدها تحديد سعر الصرف؟ وكثير من الأسئلة التي يطرحها المواطن، ويجد إجابات هلامية ومطاطية.
(4)
وقلت لجدي أنهم سيمنحوا كل مواطن ثلاثة دولارات، فرح جدي وقال في اليوم؟ فقلت في اليوم شنو يا جدي في الشهر عندك ثلاثة دولار!! يعني قول الف ومتين جنيه في الشهر! قال جدي دا يعملو ليها شنو؟وتجيب شنو؟قلت ليهو كدي أسأل وزير المالية، واسأل ناس برنامج ثمرات؟وصدق شاعرنا الكبير محمد ومفتاح الفيتوري، حين قال يسقط بعضهم لأنه يرى ولا يرى، ويسقط بعضهم لأنه يسير القهقرى، ويبدو لي أن حكومة حمدوك سقطت، لأنها ترى واقع الحال، (وتعمل) انها لا ترى، وسقطت ثانية، لأنها تسير القهقرى، وتسير على خطى النظام البائد، وأكبر وأعظم سقوط لها انها تريد أن تنال الرضا من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والعقل الذي لا يقبل الزيادة بالضرورة لديه قابلية النقصان، وياعباقرة المستشارين الاقتصاديين، والى وزير المالية والى رئيس الوزراء، الى متى يتحمل المتحمل..؟