كان متوقعاً أن تعلن الحكومة بوضوح دون غموض التزامها بمواثيق قوى الحرية الأولى التي وقعتها بالعودة للنظام الإقليمي الذي افترعه النظام المايوي خمسة أقاليم وعاصمة قومية أو الإبقاء على الولايات الحالية حتى إجازة الدستور الجديد، وبالتالي الإقبال مباشرة على تعيين الولاة وحكومات الولايات!!
الوثيقة الدستورية التي تمثل دستور الفترة الانتقالية تركت الباب موارباً ما بين”الولايات والأقاليم” على طريقة الدستور الانتقالي وأحكامه الخاصة بالمنطقتين عندما سمى “الولاة أو الحكام” على رأس الإدارة التنفيذية وافترع أيضاً وصفاً توفيقياً لمنطقة “جبال النوبة أو جنوب كردفان” كل ذلك “لغتغتة” الخلافات العميقة حول الاسم والتعريف الجغرافي لحيز النزاع.. وقوى الحرية والتغيير وحليفها العسكري تركا الباب موارباً حتى في تعيين الولاة، ثمة من يقول إن رئيس مجلس الوزراء وحده يعين الولاة خلال الفترة الانتقالية ومن قوى الحرية والتغيير.. ولكن المكون العسكري في مجلس السيادة يقول بغير ذلك!!
الآن الأوضاع التي تعيشها الولايات تتطلب تعيين ولاة لسد الفراغ الحالي بدلاً من الولاة “المؤقتين” في النيل الأزرق تفشت الكوليرا على قول وزير الصحة وفي النيل الأبيض غرقت القرى وتبعات الخريف قادمة من انتشار الأمراض وخاصة الملاريا وجبال النوبة ودارفور في حالة انتقال من حرب الى سلام.. والخرطوم تعيش أوضاعاً معلومة من تردٍّ في الخدمات الأساسية وشح في الخبز والوقود.. ووجود ولاة ضرورة ملحة.. وأي انتظار لمفاوضات السلام التي لا يتوقع لها الوصول لمحطة النهاية قبل ثلاثة أشهر من الآن يعتبر بمثابة سير على حافة الهاوية..
حالة الانتظار نفسها تضع على عاتق المفاوض الحكومي ضغوطاً تجعله يوقع على أي معروض أمامه لتخفيف العبء عنه وحكومته..
صحيح النخبة المركزية التي تمثلها قوى الحرية والتغيير لا تضع الحكم الولائي في أولوياتها وانكفأت منذ ايلولة أمر البلاد لها في كيفية تأسيس الحكم المركزي أولاً.. وتركت الأوضاع في الولايات في حالها.. نقص في الخدمات.. وولاة عسكريون يؤدون واجباً انتقالياً وحتى على مستوى الاهتمام المركزي، فإن مجلس السيادة ومجلس الوزراء لم يشغلوا أنفسهم بقضايا الولايات ومتابعة ما يجري هناك.. ورأس الدولة البرهان لم تطأ قدماه حتى اليوم ربك أو فوربرنقا ورئيس الوزراء من جوبا إلى مصر ومن القاهرة لواشنطون ولندن.. ولم تحدثه نفسه بزيارة القولد وسنكات.. أكثر من 70% من سكان السودان بالولايات وكل الثروة بالولايات وعدد الجامعات والطلاب بالولايات ثلاثة أضعاف الخرطوم فلماذا الانكفاء على الخرطوم وحدها؟؟
هل حكومتنا بحاجة لإثبات أنها حكومة مركز!!