صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

المَافِي شُنُو ؟

14

حاطب ليل

د. عبد اللطيف البوني

المَافِي شُنُو ؟

)1(
عندما وَقَفَ عُمّال الميناء الجُنُوبي ببورتسودان )ميناء الحاويات( ألفاً أحمر أمام الشركة الفلبينية التي دخلت في صفقةٍ مع الحكومة )مُمثلةً في بعض مُوظّفيها( لاستئجار الميناء لمدة عشرين عاماً، ووضعوا الحَاويات أمام البوّابة، ومنعوا طليعة مُوظّفي الشركة من الدخول )حتى ولو كُنّ ممرضات(، عندما فعلوا ذلك حصدوا إعجاب الكثيرين من أهل السودان لأنهم حموا بذلك موقعاً من مواقع السيادة وثروة قومية، فمثلما كان للذين وقّعوا الصفقة تقديراتهم، فإنّ لكبار المسؤولين في الميناء تقديراتهم أيضاً والدنيا ديسمبر/ يناير )فما فيش حَد يزاود على حَد(، ويكفي الصفقة عيباً أنّها تمّت )أم غُمُتي( لا من سمع ولا من درى.. والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس.. كما أنّ سوابق بيع مرافق الدولة الحسّاسة أعطت أولئك العُمّال قُوّة لتنفيذ فعلتهم ثُلاثية الأبعاد )احتلال وإضراب واعتصام(، وفي النهاية أعلنت إدارة الميناء تعليق الصفقة بنية التفاوض مع العُمّال وإقناعهم، فإن لم يقتنعوا فالبيعة مرجوعة في مسمّاها.
والمُهم في الأمر أنّ الميناء الجنوبي خَاليةٌ الآن من أيِّ فلبيني ومن أيِّ آسيوي وَجهُهُ مُدَوّر وعُيُونُه صُغَار!!
)2(
الأمر الذي يُمكن أن نتّفق عليه هو أنّ الميناء الجُنُوبي لا يعمل بالكفاءة المطلوبة شأنه شأن كل مرافق الدولة، لأسبابٍ موضوعية وأسبابٍ ذاتية، ومن المُؤكّد أنّ الشركة الفلبينية قد قدّمت عرضاً يرفع كفاءة الميناء ويعود بقرشين تلاتة على الخزينة العامة، فكل من يريد أن يهجم على المرافق العامّة تحت قانون الاستثمار يفعل ذلك، فالتحدي أمام عُمّال الميناء وقيادتها الوطنية هو أن يدقوا صدرهم ويقولوا إنهم على استعدادِ أن يفعلوا كل ما ادّعت الشركة الفلبينية أنهّا سوف تفعله، ويطلبوا كل التسهيلات التي أُعطيت للفلبينيين من تأهيل للميناء واستجلاب كل الآليات المطلوبة.. ويكفي هنا أن تُخَصِّص الحكومة جُزءاً مُقَدّراً مِن عَائدات الميناء لتُصرف في بنيات الميناء الأساسيّة، لا بل يُمكن أن تُموّل الميناء مِن أيِّ بنك فالمافي شنو؟ المال موجودٌ.. أمّا التقينات المُتطوِّرة فهي عَلَى قَفَا مَن يشيل فَكُل موانيء العالم ذات الخمسة نجوم تقنياتها مُتاحة للغاشي والماشي، ناهيك عن المُتخَصِّصين فالمافي شنو؟ التقنيات موجودة.. تبقى الإرادة والعزيمة، فبذات الهِمّة التي منع بها العُمّال وقيادتهم إقدام الفلبينيين من أن تطأ أرض الميناء الجُنُوبي، يجب يهبوا لتطوير الميناء ورفع كفاءتها التّشغيلية فالمافي شنو؟ الإرادة موجودة..!
)3(
إنّ ميناء بورتسودان تَجَاوَزَ عُمرُه القرن من الزمان، وقد شهد ازدهاراً كبيراً في عُقُودٍ سَلفت، وكانت بورتسودان من أجمل وأنظف مُدن العالم، وكانت الخُطُوط البحرية السودانية تهز وترز في كل بحار الدنيا كل هذا بأيدٍ سُودانيةٍ.. ولكن وآه من لكن هذه، فقد غشى البورت ما غشى كل السُّودان فكَانَ مَا كَانَ!! فالآن عُمّال الميناء الجُنُوبي بهبتهم هذه أعادوا الروح وتبقى أن يصحب ذلك خطوات تنفيذية لرؤية هذه الروح الجديدة تمشي على الأرض، وإلا ستكون وقفتهم هذه صادرة من نظرة ذاتية ضيِّقة وحاشاها أن تكون كذلك..!
فيا كباتن حمودة مثلما قُدتم هذه الهبة المُباركة، واصلوا هبتكم لتكون الميناء الجُنُوبي أعظم ميناءٍ على هذا البحر الأحمر القاني.. فالمافي شنو؟ كل شيء موجود المال والخبرة والإرادة، وأهم هذه الاضلاع هو الإرادة فلو تعلق قلب المؤمن بالثريا لنالها.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد