الحكومات تأتي وتذهب.. وتتغير في كل انحاء المعمورة.. شئ عادي.. كل يوم نسمع بانتخابات وتغيير وجوه.. وكنت دائماً عندما يحين إعلان نتيجة الانتخابات.. أراقب تعابير وجه الخاسر وهو يتلو بنفسه خطابا يهنئ فيه الفائز ويعلن انهم سيعملون معاً لنهضة الوطن.. .معنى تلاوة الخطاب.. يعني انه كان مستعداً للخسارة.. .فأعد خطابين احدهما في حالة الفوز.. والثاني في حالة الخسارة.. هذا الخاسر.. وحزبه.. ماذا يفعلون ؟ هل يحملون السلاح و(يخشوا الغابة ) ؟ هل يقضون وقتهم في التقليل من إنجازات القائمين على الأمر ؟ هل يحاولون بقدر الامكان وضع العراقيل أمام مسيرة الحكومة الحالية ؟.. لا.. كل أنظمة المعارضة في العالم.. عندما تخسر الانتخابات.. يذهبون ليتدارسوا أين كان الخطأ في برنامجهم الذي لم ينل رضا الجماهير.. يبحثون أين كانت الثغرات في اداء وزرائهم الذين ترجلوا عن مقاعدهم في نهاية دورتهم.. ويجتهدون في اصلاح الأمر.. حتى الانتخابات القادمة..
الا في بلادنا العزيزة.. ما أن تنجلي معركة الحكم وتحسم لصالح احد الاطراف.. تلقائياً يصير الحاكم عدو المعارض الاول.. ويصبح هم المعارض وضع كل ما يعيق مسيرة تقدم الحكومة.. مهما كلف الأمر.. ولا أدري هل يعلم انه يؤذي شعبه وأهله ام لا؟.. ففي أغلب الاوقات.. تتأذى الشعوب.. وتبقى الحكومات خارج نطاق التأثر.. وفي هذا الأمر.. يطال الاتهام أغلب الذين تعاطوا السياسة في بلادنا.. فالحصار الاقتصادي للحكومة السابقة.. رغم انه كان نتيجة رعونة النظام السابق وتخبط سياسته.. الا ان الذي عانى حقيقة هو الشعب السوادني.. واجتهد بعض الذين اعتلوا الحكم الآن في إحكام الحصار على السودان.. وقال أحدهم في التلفزيون السوداني.. انه لن يعتذر للشعب السوداني.. فقد كان بفعلته آنذاك يقصد الحكومة السابقة ونجح في ذلك…لكن ما ذنب الشعب حينها؟ هل عرفتم المشكلة مكانها وين ؟
الآن يحدث ذات السيناريو من الجانب الآخر.. وهذه المرة يتم فيه استخدام الاسلام وتحريك العواطف الدينية للشعب السوداني.. ما ان تم الاعلان عن تحرير سعر الصرف.. وانتشرت دعوات التحويل بالبنك والسعر الرسمي.. وتقاطر الناس زرافات ووحدانا لرفع قيمة الجنيه السوداني.. ما ان ظهرت علامات التعافي.. حتى برز الينا الشيخ عبد الحي، لكي يصدر فتوى عجيبة تمنع الناس من التحويل.. بدعوى ان الرئيس معطوب.. و يشكك في دينه والتزامه.. والشيخ في هذه الحال يخاف ان يستولى حمدوك على الأموال.. ذلك انه حسب اعتقاده غير أمين على أموال المسلمين.. .يبدو ان الشيخ يعتقد انه لا يزال يعيش في العهد البائد حين كانت أموال الشعب تصب في جيب أحد الموالين من أعضاء الحزب الحاكم.. نطمئنك يا مولانا هذه الأموال لن تذهب الى حمدوك.. ولن يجد ريحها.. الأموال ذهبت الى بنك السودان.. بنك الوطن..
الوطن هذه الكلمة التي يجب ان تجمع الناس.. تجد لها الف معنى عندنا في السودان .. كل يراه من خلال منظوره.. لكننا جميعاً نحمل في دواخلنا شعار (يا فيها.. يا أطفيها ).. طالما انت في الحكومة.. تصل الوطنية أعلى معدل.. والشعارات تبقى اتحاد وتكاتف.. وكلنا أخوان في وحدة السودان.. وهلم جرا.. وعندما تدور الدائرة.. ويمشي زمان ويجي زمان.. وتترجل عن الكرسي.. يصبح الحاكم العدو اللدود.. وتخرج الأسلحة من جرابها.. و يبدأ برنامج صناعة العراقيل.. اما الوطنية التي لا بواكي لها فانها تصير مجرد مسمى لأحد أنواع الطحنية.