*شهيد صحافتنا كان قد أحجم عن الكتابة..
*أحجم – محمد طه – عن نشر مقاله بالزميلة )ألوان(…لأسباب خارجة عن إرادته ..
*وأول مقال ظهر له – عقب التوقف – كان على صفحات )الدار(..
*كان مقالاً ذا عنوان غريب ؛ ما زلت أذكره إلى يومنا هذا..
*ثم إن مضمون المقال نفسه كان عصياً على الفهم بعد فشلي في استنطاقه..
* فقد رفض أن يشرح لي معناه مكتفياً بابتسامة حزينة..
*وفهمت إنه كان مقالاً )مشفراً( ؛ نصيب القراء منه جمال التعبير وحسب..
*أما عنوان المقال فقد كان )كلب عبد الجليل( ..
*كان مقتبساً من أحد كتب المطالعة في مرحلة الابتدائية..
*ولا أدري أي كلب حل محله الآن ؛ في زمان )الميوعة( هذا..
*ولعله – إن وُجد – من شاكلة ذاك الذي لفت نظر صديقنا )الحِمش( في حي راقٍ..
*فقد كان يصيح فينا بصوت لم تكتمل دائرته )الكلبية( بعد..
*فزمجر في وجهه – صديقنا – بكلامٍ ؛ السكوت عنه أبلغ دلالة على معناه..
*والكلب يُرمز به – منذ القدم – إلى مثل الذي عناه ابن الجهم..
* فقد قال في المتوكل )أنت كالكلب في حفاظك للود(..
*وربما أراد محمد طه أن يشير إلى تراجع فضيلة الوفاء عبر مقاله المذكور..
*وإن كانت روحه تطَّلع على واقعنا الآن فلعلها تحمد ربها..
*تحمده على أن جعل باطن الأرض – في زماننا هذا – خيراً لها من ظاهرها..
*فالوفاء ما عاد يضاهيه ندرة إلا كمال )الذكورة(..
*الذكورة التي افتقدها صاحبنا المشار إليه حتى في كلب )الذوات(..
*فكيف إن شاهد كلب زميلنا سعد الدين إبراهيم الذي كتبت عنه قبل رحيله المر..
*فهو من فصيلة لم أرها إلا في أحضان )دلوعات( السينما..
*ثم حين صاح في وجهي – نابحاً – كدت أموت ضحكاً وأنا أتذكر ذلكم )الكُليب(..
*فهو قياساً إلى كلب سعد الدين هذا )كلب آل باسكر فيل( ..
*وبشاعريته الفلسفية الساخرة يربط صديقنا )الوفي( بين وفاء أيامنا هذه )وكلابها( ..
*فالكلاب إن كانت ترمز للوفاء فهي تتضاءل بتضاؤله بيننا..
*فما عاد الوفاء وفاءً…ولا الحياء حياءً…ولا الصدق صدقاً…ولا الكلاب )كلابا(..
*كل شيء – هكذا تحادثنا قبيل وفاته – تغير نحو الأسوأ..
*واجتررنا بعضاً من قصص الغدر…واللؤم…والكذب ؛ التي عايشها كلانا..
*وكان صاحب )العزيزة( وفياً في زمن )عز( فيه الوفاء..
*وتخنث فيه من الرجال بقدر )كلابه !!(.