“وأكّد أنّ حجم الفساد الذي نُشر لا يتجاوز الـ20% من حجم الفساد الحقيقي”.
الحديث منسوب لرئيس لجنة مراجعة وحصر الشركات الحكومية محمد أحمد الغالي في صحيفة “السوداني” بعد تحصُّلهم على 460 مستندًا يتعلَّق بفساد النظام المخلوع.
مؤكدا أن حديثه حول حجم الفساد المنشور طيلة العهد البائد والذي قدَّره بـ20% فقط من حجم الفساد الحقيقي، لا يمكن أن يقوله إبان وجود البشير في السلطة، لكن المعلوم بعيدًا عن النسب والتناسب أن فساد عهد الإنقاذ كان منظومة كاملة، كان فساد ممنهجًا ومحاطا بالعناية التنظيمية التي اعتمدت سياسة التمكين، فليس بعد التمكين فساد.
لا أعتقد أن اثنين سيختلفان في أن سبب سقوط الإنقاذ هو فسادها المستشري في كل مؤسسات الدولة حينما مكَّنت “الولاء” على حساب “الكفاءة”.
طيلة السنوات الأخيرة والتي أعلن خلالها النظام البائد مجابهته للفساد، لم تشهد سوحُ العدالة قضية فساد واحدة، حتى القضايا التي تحوَّلت إلى قضايا رأي عام تم التعامل معها بفقه السُترة.
صحيح هناك محاولات مستمرة ربما تكون صادقة وربما لا تكون، لكن المحصلة أن الفساد تمدد حتى ملأ الأرض حتى باتت قضايا الفساد نفسها، لا تثير جدلًا، وكأنما أُريد لنا أن نتكيَّف معها، حتى يصبح الأمر طبيعيًّا وقد كان.
مجابهة الفساد تبدأ من معايير الاختيار لشغل المناصب التنفيذية والدستورية، أي معيار تجاوز الكفاءة هو خطوة أولى في طريق الفساد..لا بد من ضبط وإحكام معايير الاختيار بعيدًا عن المجاملات و”الشُّلَلِيَّات” والمعرفة السطحية بالشخص الذي سيتولى منصبا تنفيذيًّا أو دستوريا.
المستفاد من فساد الإنقاذ هو أن قضية الكفاءة لا ينبغي المجاملة فيها بأي حال من الأحوال.. لا تستهينوا بالمعايير “الكفاءة” و”الولاء”، هذه بداية الطريق الخاطئ بل هذه اللبنة الأولى للفساد.
إيلاء قضية مكافحة الفساد وتأسيس نظام ينتهج الشفافية في الحكومة المقبلة يجب أن يكون اهتمام وحرص الجميع، إجراءات إبراء الذمة قبل تسلُّم المنصب مطلوبة لكنها ليست كافية، فهي في النهاية لا تعدو أن تكون إجراءات ومستندات رسمية بما يملك شاغلُ المنصب، ويُمكن بسهولة بعد إخلائه للمنصب أن تكون ممتلكاته على الورق هي ذاتها ما قبل تسلُّم المنصب، وهذه كانت واحدة من ألاعيب رموز النظام البائد الذين يسجِّلون ممتلكاتهم بأسماء غيرهم.
محاربة الفساد ينبغي أن يتولى أمرها الشعب بجانب المؤسسات الرسمية.