اكاد اجزم ان قوى الحرية والتغيير (قحت) لم تحزن على شهداء اعتصام ميدان القيادة العامة بقدر عشر معشار حزنها على فقدان ذلك الموقع الفريد الذي كان بمثابة ورقة ضغطها الكبرى التي مكنتها من حصد كل التنازلات المجانية التي منحها اياها المجلس العسكري قبل ان يفيق ويعيد النظر في قراراته الكارثية!.
اقول هذا تمهيدا للتعليق على حديث السيد الصادق المهدي الذي لم ادهش البتة لتصريحه لقناة اسكاي نيوز والذي قال فيه إن (العصيان المدني المفتوح غلط ووضع المتاريس دون نظام يعوق حركة المواطنين).
وهل نتوقع من المهدي غير ذلك القول الحكيم الذي افحم به حلفاءه في قوى الحرية والتغيير وكشف به عوارهم وهم يغلقون الشوارع (ليسجنوا) المواطنين داخل دورهم حتى يرغموهم على المشاركة في العصيان المفروض عليهم رغم شعارات الحرية التي يتشدقون بها زورا وبهتانا؟!
نعم ، يحدث ذلك من تحالف يرفع شعار حرية سلام وعدالة ، فاية حرية بربكم تلك التي تقيد حركة الناس وتمنعهم من الذهاب الى اعمالهم واي سلام ذلك المرفوع على اسنة الرماح وهم يهددون من يزاولون عملهم بالويل والثبور وعظائم الامور؟!
لقد والله العظيم مات عدد من المواطنين نساء ورجالا جراء اغلاق الشوارع رغم تباكي اولئك الكذابين على شهداء الاعتصام وكأن من قتلوا بسبب تصرفاتهم الصبيانية (فطايس) او كلاب مسعورة لا شهداء مثل من قضوا في الاعتصام ، فاي حزن ذلك الذي يزعمون وهم الذين مردوا على القتل من قديم وهل مجازر الجزيرة ابا وودنوباوي وبيت الضيافة الا قليل من كثير من مخازيهم الكبرى التي سطروا بها ابشع صفحات التاريخ؟!
نسي هؤلاء الذين يمارسون الارهاب وقطع الطريق انهم يرتكبون جرائم جنائية في حق المواطنين وفي حق كل من تضرر منهم سواء بالموت او الضرر المادي او المعنوي مما يتيح للمتضررين ان يحصلوا على تعويض مجز نظير ذلك العدوان السافر على حريتهم وحقهم في العمل والتنقل ولقد سعدت بالدعاوى التي رفعها د. ناجي مصطفى المحامي للنائب العام ضد تجمع المهنيين الذين حرضوا المواطنين على اغلاق الشوارع والكباري بل وقفل الطرق الداخلية امام ألبيوت لمنع المواطنين من الخروج من دورهم انفاذا للعصيان المدني الذي اعلنوا عنه لتحقيق اهدافهم السياسية الرخيصة.
لقد سقطوا في امتحان الاخلاق وتعروا من ورقة التوت وهم يمارسون كل اساليب البلطجة والكذب وهم يغلقون الشوارع والكباري ويتسببون في موت المرضى خاصة من اصحاب الحالات الحرجة مثل غسيل الكلى او الولادة او الربو او العمليات الجراحية جراء منعهم من الوصول الى المستشفيات لتلقي العلاج.
استمعت الى حديث مدير جامعة الخرطوم بروف احمد محمد سليمان وهو يكشف بالصور والفيديوهات الفاضحة جانبا من الأضرار التي لحقت بمنشآت الجامعة بما فيها المستشفى والمكاتب والقاعات حيث اوضح ان الجامعة منذ انشائها قبل اكثر من مئة عام لم تتعرض لما تعرضت له من اضرار فادحة جراء تلك التصرفات الصبيانية وغير الاخلاقية.
لقد انفضحوا ورب الكعبة في كل شيء ليس فقط من خلال العصيان المدني او اغلاق الشوارع والكباري للضغط على المجلس العسكري حتى يبتزوه ويكرهوه على منحهم السلطة التي يعشقون انما من خلال تسخير العمل النقابي لتحقيق اجندة سياسية بالرغم من عدم شرعية ذلك الفعل سواء في القانون المحلي او الدولي.
كذلك فانهم مارسوا الاقصاء على القوى السياسية الاخرى حين لم يكتفوا بمنحهم نسبة 67% من عضوية البرلمان ولا استشارتهم في تحديد من يشغل النسبة المتبقية من المقاعد البرلمانية ممن يوالونهم بينما لا يبقى لبقية القوى السياسية غير الموالية سوى ان تشرب من البحر! وبالرغم من ذلك يرفعون شعار العدالة فيا لها من عدالة عرجاء !
واصلت قحت مطالبها التعجيزية خاصة حول مدنية مجلس السيادة ثم صعدت موقفها بعد فض الاعتصام واعلنت العصيان الذي قضى بفشله الذريع على البقية الباقية من سطوتها التي كانت تستقوى بها لتمارس الضغط على المجلس العسكري.
لا عزاء لقحت بعد ان فقدت كل اسلحتها فقد تهاوت جميعها وسقطت واحدة تلو الاخرى واقولها مجددا إنني لا أشك البتة في ان قحت لم تكن صادقة حين لطمت الخدود وشقت الجيوب حزنا على شهداء الاعتصام انما تجسد حزنها الاكبر في فقدانها لميدان الاعتصام الذي يمثل أهم اسلحة الضغط التي ظلت تستخدمها وتشهرها في وجه المجلس العسكري الامر الذي جعلها تبذل غاية الجهد للافادة من سقوط الشهداء والذي حاولت ان توظفه في الهاب المشاعر لانجاح العصيان المدني كآخر ورقة ضغط وها هو سلاح العصيان يخر صريعا امام وعي المواطنين الذين رفضوا اساليب الاكراه التي تمارسها قحت لاجبارها على الاذعان لارادتها وتحقيق اجندتها الانانية والاقصائية التي تسعى من خلالها الى الانفراد بحكم السودان.