الشهيد عبد العظيم قالها وصارت شعارا للثورة السودانية (لقد تعبنا يا صديقي ..ولكن لا يستطيع احد ان يستلقى اثناء المعركة ) ..في تلك الايام كانت معركتنا اسقاط النظام ..ولم يكن الامر سهلا ..بكل ما في الكلمة من معنى ..لذلك عندما انتهى النظام ظننا جميعا ان الامر قد قضي وان السفينة قد استوت على الجودي واذكر انني كتبت حينها مقالا بعنوان للثائر فرحتان .
لكن الأيام حملت لنا الكثير ..مما لا يخطر على قلب بشر …اتضح لنا ان النظام البائد قد اعمل يده في كل مرافق الدولة وعاث فيها فسادا ..فثقلت التركة واضحى الامر صعبا جدا ..فاصلاح الخراب وتدبر معيشة الناس في ذات الوقت مهام تنوء بحملها الجبال ..حينها ضاقت الأرض بما رحبت ..فاستدركت ان معركتنا لم تكن اسقاط النظام فقط ..كانت تلك اولى المراحل ..المعركة هي بناء السودان الجديد ..السودان الذي نستحق ويستحق هذا الشعب الأبي..لذلك يجب علينا اكمال الدرب ..كما قال الشهيد عبد العظيم لا احد يستلقي اثناء المعركة.
فكرة التبرع لبناء الأوطان ليست فكرة جديدة ..وفي السنة ان الرسول عليه الصلاة والسلام فتح باب التبرعات لتجهيز جيش العسرة ..وتبارى الصحابة في دفع ما لديهم كل حسب مقدرته ..وقد خلد التاريخ موقف ابي بكر الصديق عندما اتى بكل ما يملك ..وعندما سأله النبي صلى الله عليه وسلم (ماذا ابقيت لأهلك ) كان رد الصديق انه ابقى لهم الله ورسوله..ولنا في رسول الله وصحابته اسوة حسنة .
بالامس خرج علينا رئيس الوزراء السوداني مطالبا ايانا بالوقوف مع حكومة الثورة ..كل يأتي بما لديه حسب مقدرته ..تناقل البعض الخبر في شكل الشماتة ..واختلق البعض الآخر اقاويل وافتراءات ..لكننا لن نستلقي اثناء المعركة …وسنخوض غمارها حتى اخر رمق ..سندفع ونتبرع بجنيه ..عشرة ..الف ..مليون ..ربما دفع البعض اشياء عينية ..مثل ذلك المواطن الذي تبرع بقطعة ارض ..مثل الذي طالب كل متعامل مع متجره بدفع الحساب للقومة ليك يا وطني ..سيدفع البعض من راتبه ..وبعضهم نصفه وبعضهم جله او كله ..لكن المهم اننا لن نقول لك يا حمدوك ..اذهب انت وربك فقاتلا ..انا هاهنا قاعدون ..بل سنقول ..اذهب انت وربك فقاتلا ..انا معكما مقاتلون ..
ستمر هذه الايام والليالي الحالكة ..وسنعيد بناء الوطن الذي حلمنا به كثيرا ..ونردد مع الراحل محمد وردي
مكان السجن مستشفى
مكان المنفى كلية
مكان الطلقة عصفورة
تحلق حول نافورة
وتمازح شفع الروضة
