شهادتي لله
الهندي عزالدين
القفز من المبادرات .. لا حاجة لمزيد من )الثوار(
تبرأ بعض المشاركين في مبادرة الـ)52( التي يقودها رئيس الوزراء الأسبق الدكتور “الجزولي دفع الله”، تبرأوا فجأة ً من مبادرتهم ، ونشروا في الوسائط توضيحات عجلى تفيد بأنهم كانوا مبادرين ، غير أنهم اليوم ثائرون !
وفي رأيي أن هؤلاء النفر الذي قفز من مركب العقلانية والريادة والدعوة للحل السياسي المتوازن ، وانضم لمعسكر الإطاحة و)السقوط الليلة وبس( ، قد ظلم نفسه ، وشعبه .. كثيراً ، وأساء التقدير .
فبعد )55( يوماً من الاحتجاجات المتصلة والمتقطعة ، لا يبدو في المشهد الموضوعي أن النظام الحاكم قد اهتز أو ارتج ، مع كل الخسائر البشرية العزيزة ، والمادية والنفسية التي تكبدها كل المجتمع السوداني على مدى شهرين .
تأريخ الثورات في السودان يشير إلى أن أسبوعاً واحداً من التظاهرات والعصيان المدني كفيل بإسقاط النظام في لحظة فارقة مصحوبة بموسيقى الجيش التي تسبق بيان القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة بإعلان الانحياز للشعب ، تماماً كما فعل الفريق أول “عبد الرحمن محمد حسن سوار الدهب” في السادس من أبريل عام 1985 م .
لكن الوضع الآن في السودان مختلف ، فجموع الإسلاميين الذين خرجوا مع بقية فصائل وقوى الشعب في أكتوبر عام 1964م ، ثم ثاروا ضد حكم الرئيس “جعفر نميري” في مارس / أبريل 1985 م ، هم حكام اليوم .. ومؤيدون للنظام في سودان 2019 ، وبالتالي فقدت الاحتجاجات فصيلاً مهماً .. قديراً وخبيراً وفاعلاً .
كان أجدى للوطن والديمقراطية أن يدعم دعاة التحول الديمقراطي في البلاد مبادرة الـ)52( ، مع أنني مختلف مع أصحابها ، فقد حولوا للأسف مكان )القون( إلى حيث يمكن لأحد الفريقين التهديف بسهولة وإحراز الهدف !!
فالمبادرة التي تبدو أفضل شكلاً ومضموناً من مبادرة أساتذة جامعة الخرطوم ، تتجاهل الشرعية الدستورية ووضعية السيد رئيس الجمهورية ، وتجري باتجاه الرياح ، لتلغي ما هو قائم وفق الدستور الساري ، وتدعو لتشكيل حكم انتقالي يتجاوز رئيس الجمهورية !!
إذن هي )تسقط بس( ، بلحن مختلف !
رغم ذلك ، فإن المبادرة في حد ذاتها جيدة ومطلوبة ، وليست مُقدّسة و مُنزلة ، فيمكنها التحرك أعلى وأدنى ، والتعديل وفق مقتضيات الحوار حولها .
أرجو أن يهرع العقلاء وأهل الفكر في بلادنا إلى ركوب مركب المبادرات ، فثورة الـ)55( يوماً ليست في حاجة إلى مزيد من الثوار ، و رُكاب الموجة والموضة !