أذكر عندما كنا صغارا، كان شقيقنا الأصغر عندما يتم تعنيفه من أفراد الأسرة على خطأ ارتكبه، كان يهرول غاضبا الى الشارع ويبدأ فى حصب وقذف من بالداخل بالحجارة..ذات هذا السلوك الطفولي الذي كان يمارسه شقيقنا الأصغر، أتى به المكون العسكري وتحديدا البرهان وحميدتي نهار يوم الانقلاب المزعوم بسلاح المدرعات، وفى اليوم الذي يليه بالمرخيات، فرغم أن المكون العسكري من مكونات أسرة ادارة الفترة الانتقالية بل هو صاحب الهيمنة الأكبر، الا انه رغم ذلك قفز خارج بيت الشراكة وبدأ يقذف شركاءه المدنيين في مجلس الوزراء والحاضنة السياسية بل وجملة السياسيين بوابل من الحجارة الضخمة من خارج الأسوار، بدلا من أن يمارس غضبته داخل محيط أسرة الشراكة، أو لم يقولوا أن مجلس الشركاء ما أنشئ الا ليحتوي ويعالج أيما خلافات تنشب بين الشركاء، وعلى العموم فان التجربة السياسية السودانية الحالية والقريبة تفرض على ابن البيت السياسي المغاضب أحد أمرين، اما أن يغادر البيت بمحض قراره، كما فعل الحزب الشيوعي الذي اتسق مع قناعاته تجاه عملية ادارة الفترة الانتقالية، فخرج منها حتى يكون لقذفه مبررا أخلاقيا، أو أن يقذف من يمارس قذف البيت من خارج الأسوار وهو لم يزل من سكانه، كما حدث ابان النظام المخلوع حين قذف ابنيه أمين بناني نيو والمرحوم مكي علي بلايل خارج أسوار النظام حين شرعوا في قذفه من الخارج، وقال فيهما المتنفذ الأكبر علي عثمان، حزب غير محترم ذلك الذي يقذفه أبناءه من خارج أسواره بالحجارة، ووقتها التقى كل من بناني والمرحوم بلايل في قارعة الطريق، فترافقا معا وانضم إليهما في الطريق الدكتور لام أكول ليؤسس ثلاثتهم حزب العدالة الذي جعلوا على رئاسته المرحوم الفريق توفيق أبوكدوك..
ان ما أقدم عليه كلا من رئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه في السيادي وقائد الدعم السريع محمد حمدان حميدتي، حين وجها هجوما عنيفا على الشراكة السياسية مع المدنيين، واطلقا عبارات نارية تستهدف وتهدد التحول الديمقراطي في البلاد، يضعهما تحت طائلة المثل الذي يقول (البيتو من قزاز لا يقذف الناس بالحجارة)، أو كما يقول الفرنجة people who live in glass houses shouldn’t throw stones and shouldn’t criticize others for having the same fault. فكلهم في الحاصل شركاء وكلهم في الأخطاء سواء، بل ان المكون العسكري يتحمل وزر الانفلات الأمني بحكم الاختصاص والتخصص، وقد صدق فيهم المثل فحين بدأوا القذف بالحجارة انهالت عليهم كميات مهولة من الصخور، تماما كما حدث مع ذلك الملك الذي يقال أنه كان سببا في انتاج هذا المثل، حيث يقال ان في عصر ما كان هناك ملك أراد ان يبني بيتا من الزجاج فوق تل كبير، وعندما شرع البناؤون في البناء، وجدوا كميات مهوله من الطوب والحجارة، فأمرهم الملك ان يرموها أسفل التل، وكانت هناك قرية صغيره تحت التل، ولم تجدي شكوى أهلها من الضرر الذي سببته الحجارة المتساقطة عليهم، واستمر بناء البيت الزجاجي حتى اكتمل، ولكن في يوم من الايام وفي موسم هجرة الطيور، نشطت طيور ضخمة في بناء أعشاشها من الحجارة، وكانت بعض الحجارة تسقط علي بيت الملك الزجاجي، وانتهي الامر بأن تصدع البيت الزجاجي وتدمر تماما، ومن هنا جاء مثل اللى بيته من قزاز ما يجدع الناس بالحجارة..