صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الظل !!

10

بالمنطق

صلاح الدين عووضة

الظل !!

* فقد وظيفته بالصالح العام..
*بحث عن عمل آخر ــ وهو في حالة نفسية سيئة ــ حتى فقد كثيراً من صحته..
* صاحب بقالة (الجرورة) كان يواسيه بعبارات رقيقة..
* ثم يطلب منه أخذ ما يريد إلى أن تُفرج..
* بعد أسبوعين ــ ولم تُفرج بعد ــ لاحظ تغيُّراً في تعامل صاحب البقالة تجاهه..
* هو لم يمنعه شيئاً طلبه؛ ولكن سلامه صار مقتضباً..
* وكذلك كلامه؛ بعد أن كان يجد عنتاً في التخلص من قيود كلامه (المحكمة)..
* لم يعد يواسيه كما في السابق… ولا حتى يبتسم في وجهه..
* بعد فترة أخرى حلت التكشيرة محل عدم التبسم..
* ثم جاء يوم اعتذر له عن تجميد (كراسته) جراء ديون عليه هو نفسه في السوق..
* ففقد (مصدر عيشته)؛ هو… وزوجته… وأولاده..
* بلغ تذمر زوجته (المتذمرة) هذه مداه؛ عقب مرور شهر على انقطاع (الشُكُك)..
* فيوم يجود عليه الطيبون من زملاء عمله السابق بشيء..
* وأيام لا يجودون… بل ولا حتى يسألون..
* وكذلك الأمر بالنسبة لأصدقائه الذين بدأوا يتناقصون سريعاً..
* ثم فقد زوجته ــ وأبناءه ــ حين رجع عصر يوم بخفي حنين فلم يجد أثراً لهم..
* أو بالأحرى؛ وجد آثار ذكريات مفعمة بالشجن..
* ثم وريقة مهترئة كُتب عليها بخط يعرفه جيداً (لن أرجع؛ فلا تبحث عني)..
* وحان الأوان الذي فقد فيه كل أصحابه… وزملائه… ورفاق دربه..
* وعندما كان يسير صباح يوم ــ على غير هدى ــ استرعى انتباهه شيءٌ غريب..
* فهو ليس له ظلٌ يتبعه… رغم الشمس السافرة في كبد السماء..
* ورغم طوله؛ وقد كان أحد أسباب إعجاب زوجته به..
*وتلفت نحو السائرين من حوله؛ فشاهد ظلاً ممدوداً يتبع كلاً منهم… ولا عجب..
* تملكه رعبٌ مزلزل لم يشعر به طوال حياته..
* جالت بخاطره أفلام الرعب الأجنبية كافة التي تحكي عن مسوخ لا ظل لها..
*ولكنه ليس مسخاً أصيلاً… بل هو آدمي (مسخته) الظروف..
* هم بسؤال المارة هؤلاء إن كانوا يرون ظله…إلا أنه تراجع في آخر لحظة..
* فقد خشي أن يُرمى بالجنون… وما أكثر مجانين زماننا هذا..
* حين رأى رجلاً يهيم على وجهه ــ فَرِحاً ــ لملم أطراف شجاعته واتجه نحوه ..
* وما أن فرغ من شرح حكاية ظله له حتى انفجر الرجل ضاحكاً..
* ثم غمغم بلسان ثقيل (يا عم أحمد ربنا أنه خلَّصك من همه)..
* وما درى أن الرجل السعيد ذاك كان من (أهل المزاج)… الهاربين من دنيا الراهن..
* لم ينم ليلته تلك في انتظار الصبح… على أحر من جمر (الواقع)..
* انتظره ليرى إن كان ظله قد عاد إليه…أم غادر بلا رجعة… كحال زوجته..
* توجه صباحاً إلى (كشك) الجرائد… دون ظل..
* هناك سمع حديثاً عجيباً من زبائن المكتبة… غلب على مألوف حديثهم كل يوم..
* وما كان مألوف حديثهم هذا إلا (الراهن الأليم)..
* قيل أن (ظلاً) طويلاً شوهد ضحى البارحة فوق حافة الجسر الشمالي الجديد..
*وكان….. بلا (رَجُل !!).

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد