صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الطوارئ ..!!

11

حاطب ليل

عبداللطيف البوني

الطوارئ ..!!

لقد تم فرض قانون الطوارئ لمحاربة الفساد والتهريب، وليس لمحاربة الأحزاب والشباب والحريات، أو هكذا تدافع الحكومة عن قانون الطوارئ و )تبرر(.. ودون غض النظر عن تأثيره السلبي في العمل السياسي، فإن التبرير للطوارئ بمكافحة الفساد اعتراف صريح بتجاوز الفساد في بلادنا المعدل الطبيعي إلى مرحلة الكارثة.. فالطوارئ دائماً ما تكون للكوارث، ولو لم يصبح الفساد كارثياً لما استدعى أمر مكافحته إعلان الطوارئ..!!
:: ولكن يُحكى أن الإمام مالك بن دينار خطب في الناس ذات جمعة، ثم أبلغ في الخطبة حتى بكى الناس جميعاً من الخشوع والتأثر.. ثم صلى بهم، ولما فرغ من صلاته بحث عن مصحفه ولم يجده، فصاح فيهم غاضباً: ويحكم، كلكم يبكي، فمن سرق المصحف؟.. وهكذا تقريباً الحال في بلادنا حالياً.. أي كل من يقرأ ويستمع ويشاهد السادة المسؤولين بأجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية، وعلى كل مستويات الحكم، الاتحادي منها والولائي والمحلي، يجب أن يصيح فيهم غاضباً: ويحكم، كلكم يُكافح الفساد، فمن سرق الوقود وهرُب الذهب وأخفى عائد الصادر؟، ومن أطعم القطط لحد )التُخمة(..؟؟
:: وليس منذ إعلان الطوارئ، ولكن منذ أن وصفت الحكومة بعض رجال المال والأعمال بالقطط السمان، أصبح كل مسؤول مصلحاً وكأن الذين يفسدون فقط هم رجال المال والأعمال.. فالشاهد وراء كل تهريب أو سرقة موظف عام بالدولة.. ومع ذلك، فمن ساقتهم السلطات والطوارئ إلى السجون هم فقط القطط السمان من رجال الأعمال والتجار الصغار، أي غضت السلطات سابقاً – والطوارئ حالياً – الطرف عن الموظف العام بالدولة، وكأن هذا الموظف لم يفتح ثغرة نهب المال العام للقط السمان..!!
:: نعم تسللت القطط إلى حيث المال العام ثم سمنت لحد التخمة، ولكنها لم تتسلل من فوق الجدران كما يفعل لصوص الليل، بل عبر ثغرات المسؤولين والموظفين، وهذه الثغرات هي أخطر بؤر الفساد.. وعليه، فمع محاسبة القطط السمان من التجار ورجال الأعمال، لا يجب غض الطرف عن المسؤولين والموظفين بالدولة.. فالقط السمين دائماً ما يكون طرفاً في العمليات الفاسدة، ويجب أن ينال العقاب الرادع، وهذا ما لا خلاف عليه.. ولكن هذا لا يعني خلو هذه العمليات والصفقات من الطرف الآخر، أو كما يبدو الأمر )حتى الآن(..!!
:: ولكي لا تكون مكافحة الفساد بالطوارئ طحناً بلا طحين، أي كما حدث في حملة مكافحة القطط السمان، فالمطلوب أن تتوغل الطوارئ إلى مفاصل الدولة وأجهزتها، وذلك لمساواة كل الأطراف المشاركة في الفساد أمام أحكام الطوارئ.. والكل يعلم بأن عمليات وصفقات وفساد من أسميناهم القطط السمان لم تكتمل إلا بعلم وأمر وموافقة بعض المسؤولين عن حماية المال العام بالمصارف وغيرها، ولكنهم – المسؤولين – غابوا عن أحكام تلك الحملة، ويجب عدم تغييبهم عن أحكام الطوارئ..

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد