صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الشعب يريد احترام العقول

42

 

نبض الوطن
أحمد يوسف التاي
الشعب يريد احترام العقول


على المستوى الشخصي بتُ أكثر يقظةً حرصاً على مخاطبة عقول أطفالي الصغار كما لو أنهم كبار، وذلك ليقيني أن هذا الجيل ربما يكْبُرنا عقلاً وتفكيراً، بينما نكْبُره سناً، وفي أحيانٍ كثيرة تستعصى عليَّ بعض الأشياء التي تحتاج إلى إعمال العقل فألجأ إلى أصغر بناتي وأجد الحل…
كل هذه التحولات في طريقة تفكيري مردُها إلى يقينٍ رسخ لدي بأن جيل اليوم ليس هو جيل الأمس، وحتى أطفال اليوم ليسوا هم أطفال الأمس الذين يجلسون القرفصاء للحلاقة، ثم يقال للواحد منهم بعد ـ الزيانةـ الحِلاقة ـ : )شيل يا ولد شعرك دا وامشي أدفنو بعيد عشان حتلقاهو بعد كذا يوم )»دِحْ( يقصدون )بيض( …
هذه العقلية التي تتعامل مع أطفال ذلك الزمان بهذه الطريقة وتفترض فيهم الجهل والغباء والسذاجة وتلغي عقولهم تماماً كما لو أنهم بلا عقول، تجدها للأسف عند كثير من السياسيين وبعض رجال الدولة بالذات من الذين لا يحترمون عقلاً ولا يرعون إلاً ولا ذمة… واستغرب أن البعض مازال يلوح بفزاعة )اليسار( وينسون أن هذه اللغة اندثرت وأصبحت مثل اللغة )الهيروغليفية( المصرية القديمة، فإذا وُجدتْ دولة القانون والثوابت الوطنية المتفق عليها والإستراتيجية الثابتة التي تحدد العلاقات الدولية وشكل الحكم ونحوهما، فلا خوف بعد ذلك من يسار أو يمين، لأن القانون هو الذي يحكم وليس الأشخاص ولا الأمزجة الشخصية.
الشخص الذي يُخوفني بـ )البديل( لا يحترم عقلي، وهو في هذه الحالة يبدو لي كالذي يخوفني عندما كنتُ طفلاً بـ »)البعاتي وود أم بعلو( وهي خزعبلات لا وجود لها.
والعقلية التي ترد على مسيرات المحتجين بمسيراتٍ مثلها دون أن تُفكِّر في أسباب الاحتجاج والمعالجة تبدو في نظري مثل العقلية الفرعونية التي تقول: )ولنأتينكم بسحرٍ مثله(، )ولتعلمن أيُّنا أشد وأبقى(… أعود وأقول إن الذي يحترم عقلي يجب ألا يثير مخاوفي بأوهام لا وجود لها ولا مكان لها في الإعراب، فإذا ما اتفقنا أولاً على بناء دولة القانون واحترام الدستور فأين المشكلة؟.. لذلك فإن الذي يحاججني بـ )البديل(، وغيره من المخاوف والمحاذير، أقول له إن البديل هو )دولة القانون، واحترام الدستور(… ففي دولة القانون والدستور ستجد:
1/ أن كل شيء محكوم بالقانون.. دورات الحكم والرئاسة، ومن يحكم وكيف يحكم، فلا مجال للجدل والخلافات فكل شيء محكوم بالقانون.
2/ الحقوق والواجبات محكومة باللوائح والقانون، حيث لا محاباة ولا كبير فوق القانون.
3/ تحقيق العدالة الاجتماعية، فلا عدالة انتقائية ولا تطبيق انتقائي للقانون.
4/ الفوضى والإهدار والتبديد والفساد والتهريب وكل التشوهات التي دمّرت اقتصادنا ستُحسم بـ )القانون( … مشكلتنا الآن أن القانون عبارة عن نصوص منمقة تزخر بها كُتب موضوعة بعناية على الرفوف يتم تطبيقها بانتقائية وفقاً لما يريده النافذون الممسكون بمفاصل الدولة… أخيراً أقول بناء دولة القانون يغنينا عن كل هذا الجدل والمخاوف.
لذلك نقول إن البديل هو دولة القانون، وعندما نتفق عليها لن تكون المشكلة في من يحكم سواء أكان جبهجياً أو شيوعياً أو بعثياً … اللهم هذا قسمي في ما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد