* قبل فترة كتب الزميل الصديق عادل الباز مقالاً بعنوان )الفاخر تصدر الذهب والشعب يحصد الرماد(، والصحيح أن )الرماد كال حمّاد(، وأن الشعب المسكين لم يحصد سوى دخان المعسل المتصاعد من صفقة ذات الشيشة.. والفِيش المحمود.
* ثم ماذا بعد أن فشلت الصفقة في تحقيق أهدافها، المُعلن منها والخفي، واقترب سعر الدولار من حاجز المائة، متخطياً الرقم القياسي المُرعب الذي حققه في أواخر أيام العهد البائد؟
* ماذا سيكتب الزميل عثمان ميرغني، بعد أن طعن في مصداقية زملائه الذين انتقدوا الفساد الظاهر، في صفقة الفاخر للمساخر؟
* كيف سينعى الصفقة التي خصَّص لها المانشيتات، ودقَّ لها الطبول، وعزف على شرفها مزيكة حسب الله، زاعماً أنها ستنعش الاقتصاد المتراجع، وتنقذ الجنيه المنهار، وتعيد الدولار الجبار من )شارع الهوا( إلى جادة الستين؟
* ظللنا نطالب وزير المالية بأن يشهر الآلية المزعومة، ويعلن تفاصيل الاتفاق الذي أبرمه مع الشركة المحظوظة فلم يفعل.
* سألناه لماذا الفاخر دون غيرها، وطرح زميلي عادل الباز أسئلةً أخرى عن علاقة )ذات المعسِّل( بشركة الجنيد، وعن النهج الذي ستتم به محاسبة الشركة عن دولارات الصادر، فلم نحصل على رد يشفي الغليل.
* لاذ البدوي بالصمت المريب، مزدرياً شعار )زمن الغتغتة والدسديس انتهى(، لتتحدث الأخبار بالإنابة عنه، وتعلن فشل الفاخر في الوفاء بوعدها الكذوب، وتشير إلى توالي انهيار قيمة العملة الوطنية، وتكشف عن إقصاء مديرة احتياطي الذهب في البنك المركزي عن منصبها إلى موقعٍ آخر، بعد أن جاهرت برفض الصفقة، وانتقدت تجاوزاً مريعاً اختص به الوزير شركةً غضة الإهاب، عديمة الخبرة بسوق الذهب، تحيط الشبهات بملاكها وداعميها، بميزةٍ لا تتأتى لغيرها.
* طرحنا عليه أسئلةً عديدةً حول النهج الذي اتبعه في إبرام الاتفاق السري، واستفسرناه عن مسببات مخاطبته للبنك المركزي وجهاز المخابرات العامة والضرائب والجمارك، وعما إذا كانت )الفاخر( قد خضعت إلى فحصٍ أمنيٍ للتثبت من حقيقة ما تردد عن وجود أسماء ملاكها في قوائم )الفيش والتشبيه( الخاصة بالشرطة، فلم نحصل على ردودٍ تزيل ما التبس، وتكشف ما خفي من أمر الصفقة المريبة.
* يقيني أن قوى الحرية والتغيير فوتت فرصة لا تعوض، كي تثبت أنها تستند إلى إرثٍ سياسي وقانوني وأخلاقي يحظر عليها التصالح مع الفساد، بسكوتها عن تلك الصفقة الفاسدة، التي ميزت بها وزارة المالية شركةً خاصةً، انتقتها بمحسوبية ظاهرة، ومنحتها ميزة تصدير أغلى وأهم ثروة وطنية، لتتجاوز بها كل ضوابط الشفافية، ومبادئ التنافس الحر، التي تحكم التعامل مع الحق العام.
* صحيح أن بعض مكونات التحالف الحاكم سارع إلى انتقاد الصفقة، مثلما فعل الحزب الشيوعي عبر د. صدقي كبلو، وكما تبعه حزب المؤتمر السوداني بحديث رئيسه المهندس عمر الدقير، الذي وصف ما حدث بالخطأ الذي يستوجب المحاسبة، لكن الواقع يؤكد أن إدانة أول وأكبر واقعة فساد حدثت في العهد الجديد أتت خجولةً، ومكسوةً برداء المجاملة والتساهل وغياب الرغبة في المحاسبة.
* الأمر نفسه حدث قبلاً في قضية علاج شقيقة وزير البنى التحتية، عندما اكتفوا بالتضحية بمدير المكتب عوضاً عن محاسبة الوزير وإقالته من منصبه.
* لا جديد يذكر ولا قديم يُعاد في أمر التصالح مع الفساد، والتفريط في حفظ حقوق العباد، برغم دوي الهتاف الطاهر )سلمية سلمية.. ضد الحرامية(.. كلو محصل بعضو، ولا عزاء للشعب الصابر الممكون.