تكتظ الصحف والوسائط منذ فترة طويلة جدا بأخبار الجرائم المسلحة التي ترتكبها عصابات منظمة في ولاية الخرطوم بشكل متكرر، والشكوى المستمرة للمواطنين من العبارة المتكررة التي تقابلهم بها الشرطة عند ذهابهم الى الاقسام لفتح البلاغات (ما قلتوا مدنية)!
قبل بضعة أيام وبالتحديد يوم الاحد الماضي، تدول الناس جريمة الاعتداء على أفراد أسرة بمنطقة العزبة بالخرطوم بحرى وتعرضهم للتهديد بالسواطير والسكاكين ونهب جميع ممتلكاتهم .. وليست هذه هي القصة التي صارت أكثر من اعتيادية!
القصة .. ان الشرطة رفضت بوضوح كامل وبكل صراحة في هذه الجريمة قبول البلاغ ومطاردة المجرمين، بحجة أنها ممنوعة من القيام بعمليات المطاردة بتعليمات من (الحكومة) !
هل يعقل ذلك، وأين نحن .. في اكابولوكو بالمكسيك التي تتآمر شرطتها مع العصابات، أم في الخرطوم التي اشتهرت على الدوام بالأمن والأمان إلا بعد الثورة المجيدة وسقوط النظام البائد حيث انتشرت الجرائم بمختلف الأنواع والاشكال، خاصة جرائم النهب المسلح التي لم يعتدها سكان الخرطوم والمدن الكبرى ؟!
سؤال مباشر لوزير الداخلية ولمدير عام الشرطة.. ماذا يحدث ولماذا يشتكى المواطنون باستمرار من الشرطة وتراخيها في التعامل مع الجرائم والمجرمين رغم التصريحات الكثيرة التي يدلى بها قادة الشرطة من الوزير والمدير العام ومدير شرطة ولاية الخرطوم والى اسفل الهرم، عن استعدادهم الكامل للتعامل مع كل الفلتات الأمنية ونشر الامن في كافة انحاء البلاد، بينما عاصمة البلاد نفسها تعانى من انعدام الامن وانتشار العصابات و(التفلتات الأمنية) وهو اسم الدلع الذي تطلقه الشرطة على الجرائم المنظمة، ولا ادرى لماذا لا تسمى الشرطة المسميات بأسمائها الحقيقية، أم هو خداع للنفس بأن ما يحدث في الخرطوم من جرائم بالسواطير والاسلحة مجرد (تفلتات امنية) لا تستحق إعطاءها الاسم الصحيح، أم تريد أن تخدعنا بأن ما نتعرض له ليست جرائم وانما برنامج هزلى مثل الكاميرا الخفية أو شيء من هذا النوع، ولماذا كل هذا التهاون والتراخي تجاه الجرائم والمجرمين، الذي يعتبر عيبا ونقطة سوداء في حق الشرطة، قبل أن تُعاب به أي جهة اخرى سواء كانت الثورة أو المدنية أو الحكومة أو غيرها .. ما الذي يدور ولا نعرفه يا وزير الداخلية و يا قائد الشرطة ؟!
جاء في الرواية المنشورة في حساب (مزاحم الضاوي ــ Muzahim Eladawi ) على الفيس بوك ما يلي: “تعرضت أسرة الاستاذ الدكتور (كامل بلة محمد بابكر) الاستاذ بقسم الكيمياء بجامعة الملك عبدالعزيز (سابقاً)، لحادث إرهابي ونهب مؤلم ومؤسف صباح اليوم الأحد ١٧يناير٢٠٢١ الساعة التاسعة والنصف صباحاً بمنطقة العزبة بحري، حيث اعترض طريق سيارتهم عدد ١٠ شباب مسلحين بالسكاكين والسواطير ونهبوا كل ما معهم من أموال وشنط وموبايلات .. المؤسف والمحزن اعتذار ضباط قسم شرطة العزبة عن استلام البلاغ وملاحقة الجناة وهم داخل الحي بحجة انهم (ممنوعين من مطاردة هؤلاء) حسب تعليمات الحكومة.. واصل الاستاذ (كامل) سعيه وذهب الى قسم شرطة الصافية وكانت الفاجعة اعتذار ضباط القسم بذات الاعذار .. الأمر مرفوع لكم الدفعة بالخدمة بالجيش والجهاز لعمل ما يمكن عمله ..الاستاذ كامل بلة مستعد للإدلاء بأي أقوال … التنبيه للجميع بأخذ اقصى درجات الحذر وعدم التحرك بدون سلاح .. ماذا اقول في ظل هذه السيولة الأمنية غير حسبنا الله ونعم الوكيل.. الحذر ثم الحذر ثم الحذر”.
هل يعقل يا وزير الداخلية ويا مدير الشرطة ويا أي شرطي غيور على مهنته .. أن تصل الفوضى وتهاون الشرطة لدرجة أن يناشد مواطن زملاءه السابقين في الجيش وجهاز الأمن لعمل ما يمكن عمله تجاه الجريمة، بينما الشرطة تتفرج؟!
أم تريدنا الشرطة أن نصدق ما يشيعه البعض بأنها تتعمد الامتناع عن القيام بواجبها وحماية المواطنين حتى تعم الفوضى وتنتشر الجريمة انتقاماً من مطالبة المتظاهرين بالمدنية خلال ثورة ديسمبر المجيدة، وهتافات البعض ضد الشرطة وسقوط النظام البائد الذي ينتمي إليه معظم منسوبيها؟!