* بينما كان الكل يتوقع حل لجنة إزالة التمكين او على الأقل وضع العقبات في طريقها وملاحقتها بالبلاغات، حدث عكس ذلك تماماً، حيث انتشرت في الوسائط صورة للفريق البرهان مع اعضاء اللجنة تعلو وجوههم الابتسامات العريضة بينما كانوا يتناطحون كالخراف الهائجة قبل بضعة أيام ويتوعدون بعضهم البعض.. وكأنه كان فصلاً من مسرحية عبثية، او شجاراً عائلياً ارتفعت فيه الاكواب والصحون الى الاسقف ثم انتهى فجأة بالقبلات والاحضان الدافئة!
* هل يا تُرى يكون السبب هو الشخصية البدوية التي تتجذر في نفوسنا وتتميز بالعاطفة والبساطة والعفوية، كما تتميز بالشراسة والعدوانية والسطحية والعبثية وعدم الانتماء في الوقت نفسه؟!
* تقول الكاتبة المصرية والباحثة في علم الاجتماع (نعيمة عبد الجواد) ان هم ما يميز الشخصية البدوية عدم شعور صاحبها بالانتماء لأي فرد أو جماعة الا بمقدار ما يجنيه من فائدة، وحينما تتلاشى تلك الفائدة أو تنتهي، ينتهي الانتماء بدم بارد، بدون النظر للوراء ولو لوهلة اعتباراً لأي ذكريات!
* وتواصل.. “قد يظن البعض أن الهوية البدوية تقتصر على البدو الرحل، لكنه قطعاً ظن خاطئ ،لأن البداوة هي سمات شخصية تميز البعض عن أقرانهم، فالبدوي لديه رغبة عارمة دائمة للانتقال من مكان لآخر والتكيف مع البيئة التي يرتحل إليها، ولكنه في الوقت نفسه يشعر بأنه بعيد كل البعد عن المكان الذي انتمى إليه، ويستطيع مفارقته في أي لحظة بدون أي شعور بالحنين إليه”!
* ويرى كثيرون أن الشخصية البدوية تتميز بالكسل والحسد والعناد والنزوة، وأن العاطفة هي التي تتحكم في سلوكها، بالإضافة الى الغرور والفوضى والعبثية والعشوائية وعدم الاحساس بالمسؤولية، وانعدام روح العمل الجماعي والأنانية المفرطة والعدوانية للآخرين !
* حاول بعض المفكرين والفلاسفة تحليل (البداوة) تحليلاً وافياً، منهم ميشيل فوكو، وجيل ديلوز، ولوسي إيجاراي، الى ان جاءت المفكرة والفيلسوفة الإيطالية روزي برادوتي (1954)، ووضعت نظرية تفسر (البداوة)، بأنها شعور بعدم الانتماء والاحساس الدائم بالقلق وعدم الاستقرار !
* ويختصر الباحث العراقي الدكتور (علي الوردي) وهو من أشهر علماء الاجتماع العرب صفات الرجل البدوي بأنه يجب أن يكون (نهّاباً وهّاباً)، أي تقاس شجاعته وكرمه بغنائمه التي يحصل عليها من الغزو والنهب!
* وعندما يناقش صفات الشخصية البدوية وردود أفعالها ومواقفها تجاه الفضائل والرذائل يذكر نزعة الحرب، وعدم الانضباط، والنفرة من الطاعة والانصياع، واحتقار المهن، والحساسية المفرطة للكرامة، والحسد والنفاق والانتهازية، وان كانت هناك صفات ايجابية كالشجاعة والكرم فهي فقط للمباهاة ــ حسب مقال للكاتب العراقي د. صلاح عبدالرازق في تحليل الكتاب الوردي عن صفات الشخصية العراقية، بينما يرى المستشرق الألماني (أوبنهايم) أن الشخصية البدوية تتميز بالشجاعة والكرم والقسوة وشدة البأس والحب الشديد للحرية!
* قد لا يكون المجال مناسباً للحديث عن الشخصية البدوية، فهو موضوع كبير لا تسعه كتب كاملة دعك من عمود صحفي، وقد يكون من الخطأ ان ننسب بعض سماتها الى الشخصية السودانية بدون بحوث ودراسات اجتماعية عميقة، ولكننا بصراحة شديدة، شعب عاطفي عشوائي لا يحب النظام والتخطيط ، همجي في كثير من الأحيان، يفتقد الى النظرة العلمية للأمور وروح العمل الجماعي، ويتميز بحب التسلط والأنانية والمظهرية.. وهذه بعض الصفات المعروفة للشخصية البدوية التي ربما تكون السبب في تخلفنا !
* أختم بسؤال قد يراه الكثيرون ساذجا لا علاقة له بالموضوع .. ما هو تفسير ما حدث بين البرهان ولجنة التفكيك .. أو سبب تراكم القمامة في الاحياء الراقية، بدون ان يكون لدى سكانها الاثرياء أدنى رغبة في نظافة الحي الراقي الذي يعيشون فيه؟!