العصب السابع
شمائل النور
الشارع لا يموت
للمرة الثانية بعد مجزرة القيادة العامة يقول الشارع كلمته الصارمة. مليونية 30 يونيو منحت المفاوضين تفويضا شعبيا لا مثيل له، لكن يبدو أنها لم تكن كافية كي تتحقق أهداف الثورة فانتهت المفاوضات بين المجلس العسكري وقوى التغيير إلى نتائج أقل مما كانت عليه قبل المجزرة.
أداء الشارع للمرة الثانية في مليونية 13 يوليو التي خُصِّصت لتثبيت مبدأ العدالة وحقوق الشهداء للصدفة تزامن مع التعديل الذي اقترحه المجلس العسكري في الوثيقة الدستورية الذي يتصل بحصانات أعضاء المجلس.
عظمة الشارع لم تعد محل دهشة بأي حال من الأحوال، أمس تفجرت الثورة من جديد في العاصمة المثلثة والولايات وانتهى اليوم دون نقطة وهو المطلوب على الدوام، أن تلتزم القوات النظامية السلمية تجاه المواطن الأعزل.
بعيدا عن مستقبل التفاوض بين المجلس وقوى الحرية والتغيير وما إن كانت الأمور سوف تمضي باتجاه أي من الأطراف، إلا أن المهم على الإطلاق هو أن الشارع بات حاكما، يفرض ما يريد ويحرس ما يفرضه وفقا لحقوقه الدستورية.
صحيح ربما يسبب الضغط الهادر للشارع مصدر قلق حتى على الحرية والتغيير باعتبارها تمثله الآن في المفاوضات، عطفا على أنه مصدر قلق دائم للمجلس العسكري، بيد أن الفائدة العظيمة في هذه الثورة أنها تجاوزت عقلية القطيع.
هذا الشارع الذي ثار منذ ديسمبر 2018م لم يكن يعبِّر عن تيار سياسي محدد ولا إثنية ولا أيدلوجيا بعينها، صحيح أن الفئة العمرية الغالبة في هذا الحراك هي الفئة العشرينية، إلا أن اللافت أن الفئات العمرية الأكبر التحقت بالشارع بعد سقوط البشير وكان هذا الأمر لافتا بعد مجزرة القيادة التي لم تترك بيتا بلا دموع.
هذا الشارع توحَّد بشكل طاغٍ في مطالب محددة لخَّصها شعار الثورة الأبرز (حرية سلام وعدالة).
تحقيق هذا الشعار لا يحتاج إلى كل الدم الذي سال عبثا وهدير الشارع الذي يتمدد يوما بعد يوم، لن يرضى بأقل من هذا الشعار.
الذي يحدث الآن من غليان في الشارع، هو تفويض شعبي باذخ لا يحتاج إلا لقيادة صادقة ليصبح الحاضنة الشعبية لها. على قوى الحرية والتغيير أن تضاعف ثقتها في نفسها فهي لا زالت محل ثقة الشارع قبل أن يتبدد كل شيء.