* لم أستغرب إلقاء رئيس اللجنة الأمنية للمجلس العسكري (جمال عمر) تهمة قتل المتظاهرين السلميين بشارع الموردة بأم درمان أول أمس، على قناصة بقصر الشباب والأطفال، بدون أن يذكر لنا لماذا لم يلقوا القبض عليهم وإلى أية جهة ينتمون، وأي تفاصيل أخرى.. إلخ، فلقد اعتدنا على هذه المسرحية الكوميدية من المجلس العسكري الانقلابي ومن النظام البائد الذي ينتمي إليه!!
* نفس هذه المسرحية عرضها علينا (حميدتي) أثناء المسيرة المليونية متحدثا عن قناصة يطلقون الرصاص على المتظاهرين وعلى قوات الدعم السريع بدون ذكر أي تفاصيل، ومن المرجح أن يعرض علينا بعد بضعة أيام بعض الصبية كشهود على الأشخاص الذين كانوا يقنصون المتظاهرين من فوق مبنى قصر الشباب والأطفال، أما القناصون أنفسهم فلا يدري أحد شيئًا عنهم!. يأتون ويقنصون ويقتلون ويذهبون الى حال سبيلهم بدون أن يعترضهم أحد، أو يراهم أحد سوى أولئك الصبية.. لا شرطة، لا أمن، لا جيش، لا دعم سريع، ولا دعم بطيء ولا أي واحد من القوات النظامية على تعددها وكثرتها، رغم أنهم كانوا مرصودين، والدليل حديث (حميدتي) عنهم أثناء القنص، وبيان رئيس اللجنة الأمنية بعد القنص.
* بصراحة هذا الرجل أنا مدين له باعتذار. حدثتكم قبل يومين عن عضو المجلس العسكري (بدون أن أذكر اسمه لأنني لم أكن أعرف الاسم وقتذاك) والذي كان يقف وراء (البرهان) أثناء مخاطبته الجماهيرية الأولى لمواطني منطقة طرفية، ويقوم بتلقينه عبارات تحمل وعودا لأهل
المنطقة، فيرددها (البرهان) وراءه، ما عدا عبارة واحدة، رغم أن الرجل كررها أكثر من مرة!!
* ولمن فاته الاستماع، فإن (البرهان) هرول عصر يوم السبت الماضي ( 29 يونيو، 2019 ) الى مواطني منطقة طرفية بأم درمان لإثنائهم -فيما يبدو – عن المشاركة في مسيرة الأحد، بمخاطبة عواطفهم وبذل الوعود لهم. الحق يقال، فالرجل الذي كان يقف وراء البرهان لم يُقصِّر في لفت نظر وسمع (البرهان) إلى بعض الوعود التي يجب أن يزجيها للمستمعين حتى يستميل عواطفهم مثل إدخال الكهرباء والماء.. إلخ فلا يتردد (البرهان) في ترديدها ما عدا عبارة تجاهلها رغم أن الرجل كررها مرتين.. !!
* عندما كان (البرهان) يعد الأهالي بإدخال الكهرباء والماء وتشييد الطرق والمدارس، تدخل الرجل وقال له بصوت مسموع: »اندية المشاهدة، أندية المشاهدة ،« إلا أن البرهان (عمل رايح)، ولكن لم ييأس الرجل وكرر المحاولة مرة أخرى (أندية المشاهدة، أندية المشاهدة)،
ومرة أخرى لم يعره البرهان اهتماما، فلا يليق ب(رئيس دولة) أن يعد الناس بتقديم خدمة متواضعة جدا مثل (أندية المشاهدة) والأسوأ ألا يفي بوعده.
* هذا الرجل الذي اعتقد أنه يستطيع أن يستغل بساطة المواطنين في تلك المنطقة النائية ويخدعهم بتشييد (أندية المشاهدة) لكسبهم إلى جانب المجلس العسكري الانقلابي وإثنائهم عن المشاركة في المسيرة، هو رئيس اللجنة الأمنية للمجلس العسكري الفريق أول (جمال عمر)، ولذلك ليس غريبا أن يُصدر بيانًا يحاول أن يخدع فيه الشعب السوداني وحكومات وشعوب العالم الأخرى بمسرحية القناصين الذين تسلقوا مبنى قصر الشباب والأطفال تحت ظل الوجود الكثيف لقوات الأمن بأنواعها المختلفة، وقتل المتظاهرين بإطلاق الرصاص عليهم بدون أن تقبض عليهم أو تتعامل معهم أجهزة الأمن رغم رصدها لهم!!
* لا شك أن نفس هؤلاء القناصين هم الذين قتلوا المعتصمين خلال جريمة فض الاعتصام، وهم أنفسهم الذين دخلوا جامعة الخرطوم بعد فض الاعتصام مباشرة وكسروا أكثر من خمسين خزنة لحفظ المال والمستندات ونهبوا ما يقدر بمليارات الجنيهات، ما عدا خزنة أحد الفلول رغم أنها كانت وسط الخزن، وهم أنفسهم الذين خربوا المكاتب ما عدا مكتب أحد الفلول الذي كان أكثرها أناقة، وهم الذين سرقوا برنامج تشغيل جهاز فحص الخرصانة بقسم الهندسة المدنية بكلية الهندسة، وهم الذين دمروا أجهزة المعامل بكلية العلوم، وهم الذين خلعوا المكيفات من الجدران الخرصانية وسرقوها، وهم الذين دخلوا مقر إقامة الأساتذة ومنسوبي الجامعة في منطقة بري شرق مستشفى الشرطة وأشاعوا فيها الفوضى والرعب ودمروا العربات الخاصة!!
* وهم أنفسهم الذين دمروا الأجهزة بكلية الأشعة، وهم الذين قاموا بنزع الأقراص الصلبة من أجهزة الكمبيوتر التابعة لمفوضية العون الإنساني لإخفاء المعلومات الخاصة بمنظمات العمل الإنساني والطوعي، وهم الذين اعتدوا على مباني اتحاد المصارف، وهم الذين اقتحموا داخلية الطالبات بالبركس وسرقوا الملابس الداخلية للطالبات وألقوا بها في مكاتب عمادة الطلاب بجامعة الخرطوم، وغير ذلك من الجرائم التى أعقبت جريمة فض الاعتصام.. أليس كذلك سيدي رئيس اللجنة الأمنية للمجلس العسكري؟!
* لو كنت مكانك لتنحيت عن وظيفتي، وتفرغت لتشييد أندية المشاهدة رأفة بمواطني المناطق الطرفية حتى لا تفوتهم منافسات كأس أفريقيا واستمالتهم لتأييد المجلس العسكري، بدلا عن رئاسة لجنة أمنية لا يفعل رئيسها شيئا سوى تلفيق التهم لقناصين لا يوجدون إلا في خياله، فيُضحك عليه الناس!!