)1(
جاء في صحيفة “السوداني” هذه، الصادرة يوم الاثنين أمس الأول وفي الصحفة الأولى أنّ حزب المؤتمر الوطني الحاكم قال إنّه يُواجه حرباً إلكترونية شَعواء، وفي تفصيلٍ لاحقٍ بالصحفة الثالثة وفي ثنايا مقال للأستاذ عبد الباسط إدريس تحت عنوان )الحرب الإسفيرية.. الوطني في مرمى النيران(، جاء وعلى لسان الدكتور إبراهيم الصديق المُتحدِّث الرسمي باسم الحزب الوطني ورئيس قطاع الإعلام أنّ السودان تصله يومياً 240 مليون رسالة واتسابية، منها 240 مليون رسالة من الخارج، هذا بالإضافة للتويتر، وأضاف إبراهيم أنّ الفيديوهات والتقارير الصوتية يتم إنتاجها في لندن بأستديو يملكه الحزب الشيوعي، وأنّ 99% من القيادات التي تُدير الحملة في الخارج..!
أهَـا نرجع للصفحة الأولى، حَيث طَالب القيادي بالحزب كامل مصطفى، عُضوية الحزب بضرورة التّصدِّي للحملة الإسفيرية وذلك بوضع الخُطط والبرامج التدريبية التي تُساعد على ذلك.
)2(
القراءة الثانية لما وَرَدَ أعلاه، أنّ الحزب الحاكم سوف يرد على الحَملة الإسفيرية القائمة ضده بذات الأسلوب، فقد ينشئ أكثر من أستديو في الخرطوم لإنتاج الفيديوهات والتقارير الصوتية، وسوف يُدرّب أكبر عددٍ مُمكنٍ من المُـؤهّلين في تقانة المعلومات وربما تشكيليين للبوستات وشعراء للأشعار ومُصوِّرين مُحترفين ومُحرِّرين للرسائل النصية وهكذا, فإن كان ذلك كذلك، فقد وقع الحزب في فخٍ نُصب له بقَصدٍ أو غير قَصدٍ، لأنّه سيكون مُواجَهَاً بالمادة التي يَبثها فهل سَـوف يكذب كل ما أورده الخُصُوم؟ هل سيقوم بمُهاجمة خُصومه، شيوعيين وغيرهم على حسب تصوُّره؟ في كل الأحوال سيكون قد انصرف للعالم الإسفيري وابتعد عن الواقع، فكلما ابتعد عن الواقع سوف يزيد إخفاقه ويمد الأسافير المُعادية له بالمادة التي تطلبها للنَّيل منه.
)3(
الحزب الحاكم ظَلّ يحكم لثلاثة عُقُودٍ، وأكثر من ثلاثة أرباع هذه الفترة لم يكن هناك عالمٌ إسفيريٌّ بهذه الكثافة، فكان يَسرح ويَمرح على كيفه فارتكب الكثير من الأخطاء والخطايا التي وفّرها الحكم المُطلق والتّعتيم الإعلامي، كُل هذا شَكّلَ رصيداً ضَخماً للحملة الإسفيرية المُشار إليها هنا، فلن يفيد الحزب شَيءٌ إذا كانت هذه النبيشة صَادرةً من شيوعي أو إسلامي )خارج( كان داخل السودان أم خارجه، فالمُتلقي يهمه ما جاء في الرسالة صحيح أم غير صحيح.
عليـه، وبما أنّ هذا الحزب مُمسكٌ بالقلم حتى هذه اللحظة لا سبيل له للرّد إلا بإصلاح وتقويم الأخطاء التي ارتكبها، بعبارةٍ أُخرى عليه اتّباع سياسات إصلاحية تُحارب الفساد وترجع المال المنهوب، عليه إغلاق منافذ الفساد، عليه القيام بإصلاحٍ سياسي يُحوِّل الدولة من دولة بطشٍ إلى دولة قانون ينعم فيه الجميع بالحُرية والمُسَاوَاة والعدالة، ثُمّ بعد ذلك يحقن الأسافير بالمواد التي تعكس الخطوات الجَادّة التي قام بها لإصلاح الدولة هذا إذا فعل.. فملايين الرسائل الإعلامية التي تُحارب الحزب لم تَنطلق من فراغٍ وليست كلها )نَجراً من الرأس(، إنّما فيها الكثير من الحقائق، فإذا أراد الحزب مُكافحتها عليه تَغيير هذا الواقع ليسحب البساط من خُصُومه )امش عدل يحتار فيك عدوك( كما يقول أحبابنا في شمال الوادي.. وبعد ذلك يا سيد كامل درِّب ناسك على نقل إنجازاتك..!