المثل الشعبي السوداني يقول (الخيل تجقلب والشكر لحماد)، غير أننا حورناه لأغراض هذا العمود الى (الخيل تجقلب والشكر لحميدتي وحمدوك)، ولكن قبل أن نأتي على ذكر سببنا لهذا التحوير، يجدر بنا أن نقف على مناسبة هذا المثل..تقول احدى الروايات الراجحة عندي، كان للشيخ الأمين ود مسمار أحد زعماء العبدلاب، ولدان أحدهما يدعى حماد صاحب هذا المثل والآخر عبد الله. وكلاهما كان فارسا، بيد أن عبد الله كان أشجع من حماد. وفي إحدى المعارك التي دارت بين العبدلاب والفونج، في ناحية أربجي موطن حبيبنا وزميلنا بالصحيفة بشير أربجي، وكان يقود المعركة الشيخ الأمين بنفسه وعلى ميمنة الجيش ابنه عبد الله وعلى الميسرة حماد. وفي أوج المعركة واشتداد وطيسها أُصيب الشيخ الأمين في فخذه إصابة بالغة أسقطته عن صهوة جواده، فأشار عبد الله إلى أخيه حماد أن يردف أباهما على جواده وينسحبا من أرض المعركة، بينما تفرغ عبد الله لصد خيل العدو ورد هجماته التي تستهدف الجواد الذي يحمل أبيه وأخيه، وكان كلما رأى فرسا متجها صوبهما تصدى له ورده على عقبيه، وظلوا على هذه الحالة إلى أن انسحبوا وفرسانهم جميعهم من المعركة التي خسروها ولا ريب. وبعد أشهر وبينما كان الشيخ في مجلسه ومعه عدد من أعيان القبائل يحكي لهم عن وقائع تلك المعركة وتفاصيلها، وكان ولداه حاضرين في المجلس، فقال أثناء سرده (لو ما حماد، كان رحنا فيها كلنا).. فاندهش عبد الله وقال كلمته التي جرت مثلا الى يوم السودانيين هذا (الخيل تجقلب وفى رواية تقلب والشكر لحماد)، فقد كان عبد الله هو صاحب البلاء الحقيقي في رد الاعداء وصرفهم عن اصابة ابيه واخيه، ولكن في مفارقة غريبة فاز بالشكر حماد..
في الانباء ان رئيس الوزراء حمدوك التقى الأحد الماضي فريق التفاوض مع الحكومة الأمريكية لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بعد تسوية قضايا تعويضات ضحايا الإرهاب، وسلم الفريق رئيس الوزراء تقريره الختامي لعملية التفاوض.
وما كان من حمدوك الا ان يشيد بالدور الوطني الكبير الذي نهض به الفريق الوطني الذي ضم ممثلين لوزارتي العدل والخارجية إلى جانب جهاز المخابرات العامة، والجهد الكبير الذي بذله أعضاء الفريق بمهنية واحترافية عالية، واضاف إن الفريق قدم تجربة ناجحة لعمل أجهزة الدولة المختلفة في التناغم والتنسيق من أجل تنفيذ مهمة وطنية كبيرة ستترك آثاراً إيجابية على مستقبل البلاد، ووجه بتكريم أعضاء الوفد، ويشار الى أن هذا الفريق كان قد رابط بأمريكا منذ بدء التفاوض الصعب مع الحكومة الأمريكية الى أن توجت المفاوضات برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية، ووقتها كان الجميع يقول (شكرا حمدوك)، ولا أحد يذكر أو حتى يعرف السفير محمد عبدالله على التوم رئيس الفريق والعميد على عبدالعظيم محمد حسين من جهاز المخابرات العامة والمستشار عمر حسن هاشم من وزارة العدل أعضاء الفريق، وبالمثل كان حميدتي والكباشي والتعايشي في مفاوضات سلام جوبا (ماكلين الجو) ومنداحين في الشو الاعلامي الى ان تم توقيع سلام جوبا، بل ان حكومة الجنوب كرمت حميدتي، بينما لا أحد يذكر ولا يعرف حتى أيا من فريق الخبراء والمختصين الذين بذلوا عصارة فكرهم وخبرتهم من وراء كواليس مفاوضات جوبا التي لم تكن لتنجح لولاهم..نعم قد يكون لحمدوك وحميدتي بذل وجهد ولكن ليس من الانصاف تجاهل بذل وعطاء الآخرين..