كنت أتوقع أن تتأخر العقبات قليلاً، بعد احتفال عظيم نظمه الشعب السوداني بتلقائية دون تكلف، فرحاً بما تحقق وأملاً وتفاؤلاً بالقادم..
لماذا بهذه السرعة تُنقض الوعود وتتلاشى العهود، رغم أنها قيلت قبل أيام..؟
ترى، كيف سيمضي برنامج “قادة” قوى الحرية والتغيير بعد بضعة أشهر، رغم أن الحبر الذي كُتب به لم يجف بعد..! كنت أتساءل ما الذي يجعل قوى التغيير تتحدث بما لا تقوى على فعله أو تستطع إنجازه، ومن يجبرها على ذلك..؟ تبارت كيانات وكتل وأحزاب قوى الحرية والتغيير بالتماهي مع نظرية الامتناع عن المشاركة في أي منصب (سيادي أو وزاري)، كمحاولة للتأكيد أنها لا ترغب في السلطة.. لكن لماذا اضطرت لفعل ذلك؟ ما المانع أن يشارك أي سياسي في أي جهاز “سيادي أو تنفيذي أو تشريعي” إن عرفت فيه الكفاءة وتوفرت فيه الأخلاق..؟
أدخلت قوى التغيير نفسها في “ورطة” لم يكن من داعٍ لها، سوى التوجس تجاه بعضهم البعض..!
انتهت تلك المرحلة، التي اتحدت فيها قوى التغيير كأنهم “بنيان مرصوص” أذابوا خلافاتهم وعملوا مع بعضهم، وتمكنوا من قيادة الشارع بوعي واحترافية وقدرة تنظيمية إلى أن تحققت الأماني واقتربت الأحلام.. توزيعهم للأدوار وثقتهم “المرحلية” وصدق وعودهم، كانت سبباً رئيسياً في الوصول إلى ما نحن عليه اليوم.. لكن وبسرعة البرق، ظهرت نقائض برامج قوى التغيير – إلا قلة – بصورة تدعو للأسى والشفقة.
كان الهدف نبذ العنصرية والجهوية، فبدأوا بتوزيع جغرافي يمثل خمسة أقاليم، رغم أن المعيار هو الكفاءة.. اعترض بعضهم على ترشيح شخص من إقليم دارفور، لأنه لا يمثل قبائل معينة.. وهنا لا بد أن نتجنب الحديث حول العبارة سيئة الذكر، التي استخدمت لسحب المرشح.. لكنهم ذهبوا لأبعد من ذلك، فقد قالوا إنهم لن يسموا أعضاء من أحزابهم في السيادي، لكنهم حتى اللحظة اعتمدوا ثلاثة سياسيين من أصل خمسة..! صحيح أن الشخصيات الخمس المرشحة، واسعة العطاء، لها مؤهل تشريف المنصب، لكن الأول ينتمي إلى حزب البعث والثاني إلى الاتحادي الديمقراطي والثالث المفجع إلى تجمع المهنيين، حتى أنت يا بروتس..!! إن كانت قوى التغيير لم تستطع اختيار خمسة مرشحين خلال شهر كامل، وضعت معايير اختيارهم هي نفسها وليست جهة أخرى، فكيف ستدفع بأسماء مرشحي الجهازين التنفيذي والشريعي؟؟! سنظل نقنع أنفسنا ونردد حتى حين، أنها هفوات وغلطات، قابلة للتصحيح، إن وسعت قوى التغيير صدرها وقللت من شكوكها وأعادت الثقة بين مكوناتها المختلفة..!