صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

.. الخارجية لا تحتمل..

11

للعطر افتضاح

د. مزمل أبوالقاسم
.. الخارجية لا تحتمل..

.
* خير للدكتور عبد الله حمدوك بصفته رئيساً للوزراء أن يُعجِّل بتقويم اعوجاج وزارته، وتصحيح مسيرتها، واستكمال نواقصها، كي تستحق الصفة التي حملتها قبل ميلادها، كحكومة للكفاءات.
* دفع العهد البائد ثمن تجاهله لعامل الكفاءة غالياً، حينما انصرف عنه إلى المحاصصات والترضيات والتسويات المبرمة مع أحزاب منشقة، وحركات منسلخة عن أخرى، ليتحول المنصب الحكومي من تكليف ثقيل، يخصص لمستحقه ومن يستطيع أداء مهامه على الوجه الأكمل، إلى جائزة رخيصة، تبذل لمن يرضى مساندة النظام، أو يرضى عنه النظام.
* عندما يتعلق الأمر بوزارات سيادية لا مجال للحديث عن التريث والابتعاد عن التعجل في التقييم، سيما في الخارجية، بثقلها المعلوم للكافة، وأهميتها البالغة لأي حكومة، بصفتها لسان حال الدولة، وذراعها الممدودة للعالم الخارجي، والجهة التي تتولى ربط الدولة مع المؤسسات والمنظمات الأممية والدولية والقارية.
* تقول العرب (تحدث حتى أراك)، وقد استمعنا إلى السيدة أسماء محمد عبد الله، وزيرة الخارجية في مقابلة أجرتها معها إحدى الفضائيات الأجنبية، حينما عمدت إلى الرد على معظم الأسئلة من أوراق معدة لها سلفاً، فجاءت إجاباتها متنافرة، بل بعيدة عن محاور الأسئلة نفسها، وعندما سئلت عن أمر يتعلق بشكل العلاقة المتوقعة للسودان مع إسرائيل في العهد الجديد ردت بعبارة (ما تدخلوني في مشاكل)!

* في المؤتمر الذي عقدته مع السيد جان إيف لودريان، وزير الخارجية الفرنسي، تكرر الأمر نفسه، وصاحبه إسهاب مخل، ليتحول تصريح الوزيرة إلى ما يشبه الخطاب الرسمي، خلافاً لما فعله الضيف المُكرَّم، الذي أوجز وتحدث مرتجلاً، بثقة وثبات افتقدناهما في وزيرة خارجية حكومة الكفاءات.
* لا نطعن في كفاءة السيدة أسماء، لأنها ليست دخيلة على الخارجية، إذ سبق لها أن عملت فيها وتصعدت في أروقتها، حتى وصلت درجة وزير مفوض، بعد أن مرَّت بعدد من الإدارات المهمة، قبل أن تفارق المنصب بأمر الصالح العالم، في بواكير عهد الإنقاذ.
* سيرتها الذاتية تؤكد أنها دخلت الوزارة عام 1971، أي قبل ثمانية وأربعين عاماً من الآن، وذلك يعني أن أبناء دفعتها تقاعدوا من العمل في الخارجية منذ سنوات، فللعمر أحكام.
* الكفاءة لا تنقصها، لكنها وبكل تأكيد غير مناسبة لوزارة يتطلب العمل في قمتها حركة مستمرة، وأسفاراً متعددة، وساعات عمل طويلة، نجزم أن الوزيرة الحالية لن تستطيع احتمالها، عطفاً على عامل العمر.
* فوق ذلك فإن العمل في قمة وزارة الخارجية يتطلب وزيراً حاضر البديهة، وصاحب قدرات معقولة في الخطابة، تعينه على التخلص من المزالق الصعبة، لأنه لن يحظى بإجابات مكتوبة عن أسئلة غير متوقعة، قد تطرح عليه في مؤتمرات صحافية، أو مقابلات رسمية، من دون سابق ترتيب، بما يحول دون تجهيز إجابات مسبقة لها.
* الاختيار غير موفق، وفيه عبء ثقيل على السيدة أسماء، والمنصب حساس ولا يحتمل المجاملة ولا المجازفة بالانتظار، لذا من الأفضل أن يتم توفيق الوضع سريعاً، إما بتعيين وزير جديد، أو اختيار وزير دولة بمواصفات عالية، تكمل نواقص الوزيرة، وتخفف عنها عبئاً لن تستطيع حمله منفردة بكل تأكيد.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد