(1)
تبدو قوى اعلان الحرية والتغيير بعد توقيع اتفاقية الاعلان الدستوري وقبله الاعلان السياسي مثل (أم العروس) .. ولكن ليس كما وصف محجوب شريف (مداين تعاين كأم العروس..تهلِل تكلِل جبين الإمام..رذاذاً بِبلِل أغاني الخليل…).. وانما كانت قوى اعلان الحرية والتغيير في حفل (فرح السودان) في 17 اغسطس كـ (أم العروس) عندما تكتشف فجأة ان (الثلج) غير كاف ، وان (السكر) انتهى ، و(الرغيف) لم يحجز بعد حضور المعازيم وحلول ساعة الزفاف ووصول العريس والعروس.
هكذا كانت قوى اعلان الحرية والتغيير فقد كشفها تشكيل (المجلس السيادي) وكأن الامر بالنسبة لهم مثلما كان يعمل (الخريف) في النظام السابق والذي كان يؤكد بعد هطول (الامطار) انه تفاجأ بالخريف رغم التقنية والتكنولوجيا والتطور الذي حدث في ابحاث الارصاد الجوية وفي علمها المتقدم… ومع ثبات فصل الخريف ودوام تواريخ حلوله ورحيله كانوا يتعذرون بانهم تفاجأوا بفصل الخريف.
وكيف لا يتفاجأون بالخريف وهم دفاعهم كان بـ(النظر) وكانوا يلبسون مما يصنعون ويأكلون مما يزرعون (كلاماً) ، لا غير.
قوى اعلان الحرية والتغيير تفاجأت بـ (المجلس السيادي)، رغم انهم كانوا يفاوضون على مقاعده لايام وشهور.
(2)
قد يكون الوطن الآن في حالة لا تقبل النقد ، لأن حالة المريض لا تسمح بذلك والبلد كلها في (غرفة الانعاش).
لكن مع ذلك ، فان انتقاد الاوضاع افضل من السكوت عليها ، خشية ان ندخل لمرحلة جديدة لا تكون غير امتداد للنظام السابق.
لا تسكتوا على الحال المائل حتى لا نصنع (فراعنة) اخرين ، فقد صنع نظام الانقاذ بالتبجيل والثناء الدائم عليه والسكوت عن الكوارث التي كان يقع فيها.
يبدو واضحاً غياب الشهداء واسرهم والشباب والنساء من سدة الحكم القادم مع كل ما قدموه للثورة وما عملوه لاسقاط النظام السابق وقد ظهر غيابهم هذا حتى في حفل توقيع الاتفاقية.
تغلب على المجلس السيادي (الشيخوخة) والتي نجزم بان نجدها في الحكومة التنفيذية القادمة.
الطريقة التي تم بها اختيار (الاعضاء) للمجلس السيادي من الجانب المدني تشبه (قرعة) توزيع الاراضي.
او هي اشبه بطريقة التقديم للجامعات عندما يكتشف (الطالب) انه تم قبوله في كلية لم ينتبه لتقديمه لها في مسودة الرغبات.
الاعضاء المدنيون في المجلس السيادي يجب ان يكونوا اقوياء ويمتلكون الكارزيما والتأثير والشخصية القوية وإلّا ضاعت احلام المدنية في اول اجتماع رسمي يجمع بين قيادات المجلس السيادي واعضاء مجلس الوزراء.
المدنية لن تصمد كثيراً بهذه الاختيارات التي تمت من قبل قوى اعلان الحرية والتغيير وكان هناك عدم اتفاق حولها حتى بين مكوناتها الاساسية.
(3)
الخدعة الاكبر التي تقوم بها قوى اعلان الحرية والتغيير انهم يتحدثون عن دور (شرفي) لمجلس السيادة وهو غير ذلك، اذ يملك مجلس السيادة (الفيتو) في كل القرارات، يكفي ان اسمه مجلس (السيادة) وهذا اول تناقض للثورة.
في حفل (فرح السودان) غاب (الفرح) ، الذي كان حاضراً بقوة في كل مراحل الثورة ولم يغب إلّا في ليلة حضوره.
الفرح لم يغب حتى في تشييع الشهداء وهم يقدمون ارواحهم بصورة تجبرك على (الفرح) بهم و (الفرح) لهم ، و (الفرح) بالوطن الذي قدم امثال هؤلاء الشهداء – مع ذلك غاب الفرح ليلة (فرح السودان).
ينفون (المحاصصة) ويعملون بها، ولا استبعد ان تكون اختياراتهم لالوان البدل والكرفتات والقمصان الملونة وساعات اليد تتم عبر (محاصصة) داخلية.. يدعون (المدنية) ، وحضورها كان ضعيفاً حتى في الصف الامامي لحفل توقيع الاتفاقية.
البزة العسكرية في حفل التوقيع كانت تمنحنا صورة مكبرة لامسية تخريج دفعة جديدة من خريجي الكلية الحربية.
لقد انصرف الناس نحو (شكليات) للحديث والتعليق عن الاتفاقية وهذا تأكيد على ضعف الموضوعية.
عندما يغيب (الجوهر) يكون الاتجاه تلقائياً نحو (الشكل).
تحدثوا عن (قصر) خطاب الصادق المهدي وعن (طول) خطاب محمد ناجي الأصم ، وكل هذه الاشياء (شكليات) تصرفنا عن الموضوع.
حتى خطابات الامام والاصم تحدثوا عنها (كماً) وليس (كيفاً).
آبي أحمد تحدثوا فقط عن (ابتسامته) ، في الوقت الذي تحدثوا فيه عن (ثوب) مقدمة الحفل ونصاع لونه اسراء عادل.
كل هذه الاشياء (شكليات) ، تؤكد اننا سوف ندخل لـ(شكل) اخر من (الانقاذ) ، فاربطوا الاحزمة ، واحرسوا (الثورة) من انجرافها وخروجها عن الطريق القويم.
تجمع المهنيين عندما كانت عضويته تعمل في (الخفاء) كان ذلك افضل لهم ،كانوا اكثر بريقاً واعظم تأثيراً، الآن عندما ظهروا في العلن ثبت انهم دون الاحلام ، ودون حتى سقف الواقع المتاح.
هذه الثورة قامت على تفتق (لجان المقاومة) وعلى عبقريتها ، وعندما غابت تلك اللجان او انتهى دورها اتضح اننا امام عرض اخر من (اذهب للقصر رئيساً وسوف اذهب لكوبر حبيساً).
(4)
بِغم /
احمدوا الله ان اسمه محمد ناجي (الاصم) ، وإلّا فان (خطبته) كانت في حفل توقيع الاتفاقية في 17 اغسطس كانت سوف تكون مستمرة حتى وقتنا هذا.