وقعت الثورة في دفتر الحضور أمس بقوة وحماس وصمود ، لايقل ابداً عن مواكب ميلادها واثبتت انها ثورة لاتشيخ ، حضور كثيف ومؤثر ، ومطالب مشروعة وضرورية ومهمة للغاية ، لا ولن يكتمل المشوار بدونها ، رسائل واضحة في بريد الحكومة ، وأكثر منها وضوحاً في بريد المكون العسكري ، قالت الثورة كلمتها ، واثبتت انها تمسك بسيفها البتار لتقطع كل يد تمتد لتسرق حقها ، وتصدرت مطالب القصاص والعدالة وتكوين المجلس التشريعي ومعاش المواطنين منصة الاحتجاج ورفض الثوار الإلتفاف حول اهدافها الواضحة التي لن تقبل التحايل عليها ، وفي ذات الوقت خرجت مواكب للثوار في مدن مختلفة جميعها كانت عند العهد والوعد لكن كان أكثرها اشعاعا وبريقا وصلابة موكب مدينة الفاشر الذي شكل لوحة ثورية رائعة اكدت ان الثورة حية ومتقدة مثلما في العاصمة في الولايات ايضاً.
بالمقابل كانت ثمة محاولات بائسة ومخجلة للثورة المضادة التي ارادت ان تغير ملامح ثورة ديسمبر المجيدة وتختطف إرادة الشعب وتسرق شعاراتها ، وخطف الكلمة من افواه الثوار ، فظهرت بعض الاصوات النشاذ التي عملت جاهدة لينحرف المسار ولكن هيهات ، سرعات ما التحمت الصفوف وتماسكت الثورة بطريقة ملفته مقصودة او عفوية المهم انها اغلقت كل الثغرات التي فشلت حقيقة في تحقيق مرادها ، فكانت الثورة التي ظللنا نراهن عليها دائما ، الشارع الذي لايخون ابدا ، فموكب١٩ ديسمبر أكد أن الشارع كلما نظرت اليه ، شعرت (ان الثورة بخير ) وتبقى للابد كائن حي لايموت ببقاء الانسان على هذه البسيطة ، هذا الشعب الكبير الذي لن يستطيع احد ان يشوه صورته الحقيقية ، او يسلب ارادته وصوته مهما تنوعت أساليب الالتفاف والتحايل والسير خلف الواجهات الرمادية .
لهذا يجب ان تكون الحكومة فهمت الدرس الذي لم يخلو من رسائل تحذيرية واضحة ، لاتحتمل التأخير والتأجيل ولاتقبل سوى التنفيذ فقط ، قرارات تنعكس على معاش الناس وعلى حياتهم اليومية ، وان تتقدم الحكومة ولجنة اديب في ملف تحقيق العدالة والقصاص لشهداء ديسمبر وتشكيل المجلس التشريعي ، جميعها مطالب لا تحتمل حتى مجرد التفكير.
ولابد ان يتخذ رئيس الوزراء عبد الله حمدوك خطوة الى الأمام فبثلما ان الأغلبية رفضت المطالبة باسقاط حكومته وقالت انها تسعى لتصحيح المسار إلا انه لابد ان يقف امام الاصوات التي نادت باسقاط حكومته ، فهي ايضا اصوات لايمكن ان تتجاوزها حكومته دون ان تعرف الاسباب التي جعلت هذا التباين في الشعارات في موكب واحد.
اخيراً يبقى المكون العسكري في قراءة موكب الأمس هو المعتدي على حقوق الثورة ، المتمثلة في قبضته على الشركات الاقتصادية ، وملفه غير الناصع في مايخص قضية فض الاعتصام ، وتمدده السافر والتحايل على الوثيقة الدستورية عبر مواد ( معدلة ) لتبديل الحاضنة السياسية بما يسمى مجلس الشركاء، لهذا يجب ان يقوم كل واحد من مكونات الحكومة الانتقالية بما يليه من مهام لتحقيق أهداف الثورة التي برهنت بالأمس انها السلطة الحاكمة وهي الرائدة وارادة الشعب هي القائدة