الحُكْم نتيجة الحِكمة، والعلم نتيجة المعرفة، فمن لا حكمة له لا حُكْمَ له، ومن لا معرفة له لا علم له”.. محيى الدين بن عربي..!
تناقلت صحف الخرطوم حديثاً للسيد – مساعد رئيس الجمهورية، والقيادي بالمؤتمر الشعبي – الشيخ “إبراهيم السنوسي”، قوامُه أنّ شهادة المرأة تعدل شهادة الرجل، وأن اشتراط أن تعدل شهادة امرأتين شهادة الرجل هو أمرٌ يَرتبط بقضيةٍ مُحَدّدَةٍ، هي المال. وهو حديثٌ جاء في معرض إشادته بدور القابلات، حين افتتاحه لمركز صحي خيري بمحلية جبل أولياء. لكن الذي استوقفني هو أنّ بعض الصحف قد ضمَّنَتْ عناوينها للخبر جُملةً مَفادَها “السنوسي يفتي”..!
الشيخ “السنوسي” لم يَزد على ما قال به الشيخ “حسن الترابي”، بل أنّه لم يزد على ما قال به السيد الإمام “الصادق المهدي”، حينما سألتُه عن أمر شهادة المرأة في إحدى حلقات برنامج “عدد خاص” الذي كان يُبث على قناة النيل الأزرق. وهو ما ظلّ يقول به على الدوام. فمن أين جاء افتراض حداثة العهد بتلك الفتوى يا تُرى..?!
الشيخ “حسن الترابي” – رحمه الله – أفتى منذ زمنٍ بأنّ شهادة المرأة تعدل شهادة الرجل، فليس من سببٍ – بحسبه – يجعل شهادة المرأة أقل من شهادة الرجل. وقد أخذ القدماء بشهادة امرأة واحدةٍ في سبب نزول بعض الآيات، ومن ذلك ما ذكره الإمام جلال الدين السيوطي في كتاب “الاتقان”. أمّا السبب فهو منطقي تماماً، فإذا كان تخريج أحاديث وأسباب نزول بعض الآيات قد تَمّ بشهادة امرأة واحدة، فلماذا لا تكون شهادة المرأة مساويةً لشهادة الرجل – والحال كذلك -..?!
رحم الله الشيخ “حسن الترابي” الذي لم يحدث قط أن رَبَتَ عالم وفقيه – وشيخ التف حوله الناس في عصرنا هذا – على أكتاف النساء كما فعل. فهو قد تجاوز شهادة المرأة إلى جواز زواج المسلمة بالكتابي، وجواز أن تَلِي المرأة الإمامة الكبرى. ثم أنه قد وصف الحجاب – بشكله السائد – بالعادة العربية، وأنكر فضل الذكر – المُطلَق – على الأنثى، وأكد على أنّ أمنا حواء هي أصل الخلق. وهي – كما ترى – مساحات فقهية واسعة، ظلت غير مأهولة، لكنه بادر باقتحامها، متخطياً عوائق الجندر، ومزالق الفكر الذكوري، إلى رحابة الإنسان، من حيث كونه إنساناً، وكفى..!