البشير حبسوه في (ل350) ألف دولار ولم يسألوه عن (المجازر) التي ارتكبها
(1)
إذا كانت بداية ثورة ديسمبر المجيدة في 2018 كانت بسبب (الموية)، وكانت قطوعاتها سبباً في خروج سكان الكثير من الاحياء في العاصمة القومية للشارع… فان (الدم) السوداني الآن يستباح.. ولا تسبق استباحته حتى اداة استثناء او حرف نصب او جزم – هكذا يهدر جفاء.
بعد سقوط النظام الفاسد اصبح (الدم) لا قيمة له… فان كنا نثور بسبب (موية)، في العهد البائد، كيف هو حالنا و(الدم) السوداني يسيل بتلك الصورة في المدن والمواكب التى مازالت ترفع وتلتزم بشعار (سلميتها).
الدم السوداني لو كان (موية)، لما قبلنا ان يكون التعامل معه بتلك الطريقة التى تخلو من ادنى درجات الانسانية.
لو كان (موية) كان سوف يكون اغلى.
غلاء الاسعار وقطوعات الكهرباء والمياه، يمنعنا الحديث عنها ما يحدث من سقوط مستمر للشهداء – كيف لنا ان نتحدث عن قطوعات الكهرباء والعشرات من شباب هذا الوطن يسقطون يومياً عقب كل موكب سلمي.
هؤلاء الشباب والطلاب الذين سقطوا امس في موكب بمدينة الابيض خرجوا من اجل القطوعات المستمرة في المياه والكهرباء ودفعوا حيال ذلك حياتهم – حصدهم (الرصاص) كما تحصد الظباء في رحلات الصيد.
دفعوا (دماءهم) مقابل مطالبتهم بـ (المياه).
الدم مقابل (الموية)… في بلد تجري فيه الانهار.. وتهطل الامطار وتمتلئ الوديان ـ وتخضر فيه الارض بفضل المولى عز وجل.
(2)
الذين سقطوا او الذين ارتقوا الى الرفيق الاعلى من الشهداء في موكب الابيض امس احمّل مسؤوليتهم للجنة التحقيق التي كونتها النيابة العامة لأحداث فض الاعتصام في 29 رمضان الماضي ، اذ لم تفعل تلك اللجنة اكثر من انها ادانت (الضحية)، واعتبرت ان (الجناة) يقومون بواجبهم الامني من اجل (تنظيف) منطقة كولومبيا.
بما ان لجنة التحقيق لم تضع النقاط حول الحروف ولم تحاسب الجهة التى ارتكبت المجزرة او الجهة المسؤولة عن ذلك فان من الطبيعي ان تستمر المجازر على ذلك النحو طالما ان ارفع جهة قانونية تبحث عن الاعذار والمخارج لمن ارتكبوا مجزرة 29 رمضان.
لا يحاسب احد في السودان… كل الشهداء الذين سقطوا من اجل اسقاط النظام منذ سبتمبر 2013 وحتى امس لم يحاسب منهم احد.
اكتفينا ببروفائلات للشهداء … وحالات لهم نضعها في خانة (الحالة) على مواقع التواصل الاجتماعي.
هذا كل الذي قدمناه لهم.
حتى رموز النظام السابق وقادته نضعهم في كوبر الآن ونحاسب رأس النظام على (اموال) وجدت بحوزته ولا نحاسبه على (الدماء) التي اهدرها في دارفور وفي النيل الازرق وجنوب كردفان وجبال النوبة ولا على الشهداء الذين اعدمهم في 28 رمضان، بعد اقل من عام من انقلابه.
لا نحاسب البشير ونظامه على شهداء سبتمبر 2013 ولا على شهداء ديسمبر 2019.. ولا نسأله حتى في اجازته العمل بفتوى ابادة ثلث الشعب او نصفه اذ استوجبت الامور ذلك… ونحاسبه الآن على (350) الف دولار وجدت في بيته – هل يوجد ارخص من (الدم) السوداني بعد ذلك؟.
اكثر من 250 الف مواطن في دارفور تمت ابادتهم وتهجيرهم من قراهم.
22 طفلاً ماتوا غرقاً في محلية البحيرة بنهر النيل، وهم لا يحملون في حقائبهم غير (كتابي الاول)… ماتوا قبل ان يكسروا (سنون اللبن).
28 ضابطاً تم اعدامهم في 28 رمضان.
وموتى السرطانات والايدز لا حصر لهم ولا عدد.
تم تهجير المناصير.. وقطع ارزاقهم … وفرض تجويع ابناء الشرق وحرمانهم من ادنى الحقوق.
ونحاسب بعد ذلك البشير في (350) الف دولار – نسأله عنها (سؤال نكير) ولا نتوقف عند (المجازر) التي وقعت عندما كان رئيساً.
ولا نسأله عن (المجازر) التي رتب لها وكان سبباً فيها بعد ان اقتلع من السلطة.
(3)
الواضح والثابت ان كل السلع بعد 11 ابريل ارتفعت.. تضاعفت اسعار اللحوم والدقيق والسكر ولم يسلم من ذلك الارتفاع حتى (البصل).
وصل سعر كيلو (الطماطم) الى رقم فلكي… واصبح سعر (العجورة) التى لا يتجاوز طولها 20 سنتمتراً بـ (20) جنيهاً.
(اندومي) ارتفع سعرها ..شملتها سياسة الزيادات مع مضارها الصحية.
ارتفع سعر كل شيء، عدا (الدم) السوداني الذي كان يرخص يوماً بعد يوم في ظل ارتفاع اسعار النفط في البورصة العالمية.
كلما ارتفع سعر سلعة وان كانت (شمار) انخفض سعر (الدم) السوداني.
المواطن السوداني هو ارخص شيء في هذا البلد.
اندومي اغلى من الدم السوداني.
لقد ظللنا نقدم (طلابنا) للموت اكثر من تقديمهم للجامعات والمعاهد العليا.
(4)
في ظل هذه المجازر.. توقعوا ان يتم قطع خدمة الانترنت في المجزرة القادمة.
هذا هو الاجراء الوحيد الذي يتم، في التعامل مع كل مجزرة.
(5)
سؤال اخير.
في الابيض هل توجد (كولومبيا) ايضاً؟.
لم يتبق لنا غير (لجنة تحقيق)…. تحدثنا عن ان الذين سقطوا في الابيض (شهداء) كانوا يهددون الامن العام.