لم يمر على حديث البرهان (٧٢ ساعة ) بأنهم يعملون لحماية الثورة ومكتسباتها ، وانهم لانية لهم ابداً للانقلاب عليها ، وأن كلما يشيع عن محاولاتهم للانقضاض على السلطة باطلاً ، حتى ظهر البرهان على حقيقته ، ونزع قناع زيفه سريعاً ، وقرر سحب قوات الحماية من لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو، القرار الذي يُعد خيانة للثورة ، وشعور بالعجز والضعف ، ودعوة واضحة وصريحة لمزيداً من الانفلات والفوضى ، تلك الفوضى التي بدأ هذا المكون بها حربه ، بالسماح للانفلاتات الأمنية ، التي لم تكسبه شيئاً، بل جاءت نتائجها صفرية ، ولم تحقق مايريده المكون العسكري ، أعقبتها قضية الشرق التي بالرغم من تعنت ترك واصراره على التصعيد وإلحاق الضرر بالبنى التحتية والممتلكات ، عاد من جديد يلمح بقبوله التفاوض ، ومن ثم لجأ المكون العسكري للترويج للمحاولة الانقلابية وكيف قام بإجهاضها لحماية الفترة الانتقالية، ولم يجد هذا السيناريو اهتماما من المواطن السوداني الذي قابله بالسخرية والتهكم ، وأكد ان وعيه أعمق من هذه السطحية والغباء ، بعدها لجأ المكون العسكري لحرب التصريحات والإتهامات لاستعطاف الشارع السوداني ، حتى يمنحه التفويض ، ولم يتحقق ذلك ، وأخيراً قرر ان يستخدم بطاقة ضغط أخرى علها ( تشفي غليله ) وتطفي ( النارية ) التي بداخله .
واسلوب الانسحاب والتخلي عن دوره هو الخطوة التي نقض بها البرهان بها عهده ووعده وعزز بها ان كل ماذكره عن حماية الثورة ومكتسباتها باطلاً ، وهو يعلم ان لجنة التفكيك هي نواة الثورة، ونبضها الحي وقصد ان يستفز بها الشارع الثوري ويقول البرهان انه يرفض الجلوس مع جهات سياسية تخون القوات الأمنية، قائلا إنه يرفض التفاوض مع جهات مزدوجة الولاء، أليس هؤلاء هم ذاتهم الذين هرول اليهم البرهان لتوقيع الوثيقة معهم، أم ان انتهاء المصالح وبريق السلطة ووداع المناصب تنتهي معه صلاحية الولاء للوطن .
والبرهان يبدو انه يعيش حالة توتر خطيرة تؤثر على خطابه الإعلامي، هذه الأيام، لهذا يجب ان ينصحه الذين حوله بالاستراحة قليلا، وذلك بسبب الجهد النفسي والنزاع الداخلي الذي يعيشه الرجل، سيما ان التصريحات المتوالية ترجع لحالة الاضطراب الكبير الذي يعيشه البرهان والمكون العسكري، والسؤال الصريح ما الذي اغضب البرهان الي هذا الحد إن كان غضبه بسبب التصريحات والاتهامات المتبادلة فالبرهان ونائبه ابتدرا الحرب الكلامية، إذاً ماهو الدافع الحقيقي وراء هذه الخطوة وماتلاها فإن قال المكون العسكري إن الهجوم على الحكومة سببه تقصيرها أمنيا واقتصاديا وان همه الاول والأخير المواطن فهو كذاب أشر، وانسحاب البرهان عن حماية الثورة ومكتسباتها وحماية لجنة التفكيك وعدم توفير الحماية للاستاذ محمد الفكي عضو مجلس السيادة ، هو انقلاب واضح واستمراره واصراره عليه يعد خطأ فادح وتواطؤ ومشاركة في كل مايترتب عليه من نتائج وآثار سالبة، والانسحاب من معركة الثورة مع الفلول هو خيانة عظمى، وإنحياز واضح لعناصر الفلول التي ظلت تشكو وتجأر من قرارات اللجنة ، وان قرارات اللجنة الأخيرة، يبدو انها كانت موجعة للغاية ، وجعلت الفلول يضغطون على البرهان ، لخلق عداء مع اللجنة بإعلان الحرب عليها اولاً ومن ثم جعلها عرضة للخطر دون حماية ، تصرف فيه من التهور ما لايتناسب مع قائد يجلس على دفة الحكومة الانتقالية ، فلا يمكن ان تكون صفات القائد اشبه ( بلعب العيال ) متى ماغضب البرهان سحب قواته فاليوم لجنة التفكيك وغدا ربما ينسحب عن حماية جميع الدستورين المدنيين ، وبعدها رئيس مجلس الوزراء ، ليترك البلاد ساحة للفوضى الأمنية حتى تتسنى له الفرصة ليعلن استلامه للسلطة هذه مايريده البرهان الذي يظن ان الثورة تحت حمايته، فالرجل المتخفي خلف قناعة الزائف بارع في الغدر والخيانة متى ماوجد لها باباً وطريقا، فعلها مع الرئيس البشير الذي قام بترقيته قبل شهور من انحيازه للثورة ليحمي نفسه، وليس لعيون الثورة وسيفعلها مع غيره، وللقوات المسلحة تاريخ ناصع البياض الانسحاب من حماية المدنيين والمواطنين ليس من شيمها ولا أخلاقها ، ولكنه البرهان..لهذا يجب ان تتوحد قوة الحرية والتغير وأن تعيد الثورة ولجان المقاومة صفوفها من جديد ، لتبرهن للبرهان إنه من الخطأ بداية ، ان تكون على هذا المنصب الذي لاتعرف قيمته وتجهل فيه المبدأ الحقيقي للتضحية والتحمل ، وقبلها ادب وفنون القيادة ، انسحاب البرهان ومايليه من خطوات ربما يكون بداية الي طريق آخر ، اكثر استقامة من هذه الطريق المعوج الملىء بالمنعطفات .
طيف أخير :
الكلمة التي تقال ﻻ تخيف، الكلمة التي ﻻ تقال مخيفة جداً، وﻻ تدري بأي لغة ستأتي