قولوا حسنا
محجوب عروة
البؤس في التطرف ..
قرأت تصريحاً بأن الحركات المسلحة قد انسحبت ووصفت الاتفاق بين قوى الحرية والمجلس العسكري بأنه بائس وضعيف ومحاولة لاختطاف ثورة الشعب السوداني!! كما وصف أحد قادة تلك الحركات بأن المجلس العسكري غير شرعي وإنه امتداد لحكم الرئيس المخلوع!! كما دعا أحد قادة الحركات المسلحة لعقد اجتماع عاجل لقوى الحرية بأديس أبابا لدعم أجندة الديمقراطية والسلام والاستقرار!!
هذا الموقف وتلك التصريحات من الحركات المسلحة تكاد تطابق ذلك الموقف وتلك التصريحات التي أعلنها قائد الحركة الشعبية د. جون قرنق عقب نجاح انتفاضة أبريل فماذا كانت النتيجة وهل صحيح أن المجلس العسكري الانتقالي بقيادة المرحوم المشير سوار الدهب وحكومته كان (مايو تو) وبالتالي فإن حكومة قوى الحرية و مجلس السيادة الذي سيتشكل و سيشارك فيه المجلس العسكري هي (الإنقاذ تو؟).. مالكم كيف تحكمون يا قيادة الحركات المسلحة! من الذي قاد ثورة ديسمبر ووجه الثوار للاعتصام حول قيادة الجيش حتى يسقط النظام رافعاً شعارات (تسقط بس) وأيقونة الثورة (حرية سلام وعدالة) رافضاً أية مساومة قدمها له رأس النظام وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة أليست هي قوى الحرية والمهنيين الذين تتشككون فيهم.. ومن الذىي وقف ضد المحاولة الغبية اليائسة بقتل آلاف الثوار التي حاول المخلوع البشير وأحمد هارون وكتائب الظل ارتكاب جريمتها كما فعلوا في دارفور وحاول إبعاد قيادة الجيش وإسناد المهمة لعبد الرحيم محمد حسين ولكن اعتقلتهم قيادة الجيش الذين تتشككون فيهم رفضوا الانصياع وانحازوا للثوار وقد كان في إمكانهم الخضوع له والتمتع بامتيازات السلطة الحرام ولكن مسؤوليتهم المهنية والوطنية والأخلاقية هي التي دفعتهم للخيار والموقف الصحيح فاسقاط نظام الإنقاذ واعتقال رئيسه وزبانيته قوة واقتداراً.
أما النتيجة الحتمية لرفض د. قرنق الانخراط في انتفاضة أبريل واختياره الاستمرار في التمرد ومحاربة الجيش واحتلال المدن ومحاولة فرض الشروط لحكومة الانتفاضة ثم الحكومة المنتخبة والدعوة لمؤتمر دستوري بالخارج فقد كان ما ذكره السيد الصادق المهدي (لكل فعل رد فعل مضاد له حيث استغلت الحركة الإسلامية الخوف من التردي الأمني ففعلت مثل ما فعلت حركة التمرد بالانقلاب على الشرعية)..
إن التمرد المسلح ومحاربة الجيش والشرعية لا يختلف عن الانقلاب العسكري، لذلك فإن وضع الحركات المسلحة الشروط المسبقة المعجزة والدعوة للاجتماع بالخارج وليس داخل الوطن والتشكيك في مواقف الآخرين واتهامهم بغير حق أو دليل أمور ضارة بالوطن.. ولئن كان العمل المسلح للحركات المسلحة ضد نظام الإنقاذ مشروعاً بحكم ديكتاتوريته وتسلطه وظلمه وفساده لكن موقفها اليوم أمر ضار بالفترة الانتقالية وما بعدها وقد ينتج الفوضى وربما يستغله الكارهون للسلام والحرية والديمقراطية والعدالة ليعيدوا إنتاج الأزمات..
ورغم ذلك يتعيَّن على الحكومة القادمة معالجة أي خطأ تجاه الحركات المسلحة منذ عملية التفاوض مع المجلس سواء تهميشها أو غير ذلك ويتعيَّن على حكومة قوى الحرية العمل بجدية وصدق على تحقيق السلام بالتعاون مع الحركات المسلحة..
لقد ضاق الشعب ذرعاً بهذا التأخير في تجاوز الفترة الانتقالية ويجب على الجميع بما فيهم الحركات المسلحة ألا تحبطه مرة أخرى وينبغى أن ندعم هذا الاتفاق ونتجاوز عن الصغائر..