(1) الحكم العسكري، هو أشد وطأة على النفس من افتك الأمراض، وأعظم حزنا على المرء من فقد عزيز، وهو أيضاً أسوأ من اليأس، ولكن كلاهما الحكم العسكري واليأس، يدفعان الإنسان دفعا قويا، للتفكير والبحث وإيجاد واقع وحياة افضل، ولا شك عندي انه علينا أن نعمل لقول الرسول صلى الله عليه وسلم، تفاءلوا بالخير تجدوه، ونحن كما قال أحدهم (نحن محكمون بالأمل) وليس بأحكام سلطة الأمر الواقع، واحكام طوارئ السلطات الإنقلابية، والتي يتم تطبيقها فقط على الثوار والرافضين والمناهضين للحكم العسكري، ولم تنفذ على المضاربين بالعملات الأجنبية أو المضاربين في قوت المواطن، وبالفعل نحن محكمون بالأمل، في غد ديمقراطي، وفي عهد مدني، ليس فيه لبس أو غباش أو غموض أو عسكر الا في حدود مهامهم المحددة لهم.
(2) وما اوسع الحكم المدني، وما أضيق الحكم العسكري، والغريب أن الحكم المدني اروع من الحكم العسكري، ولكن البعض لا يصدق ذلك، وهؤلاء وجبت تعزيتهم في عقولهم، ثم في قلوبهم التي ران عليها الصدأ، وحب العسكر والخنوع والركوع، ومثل هؤلاء الذين يقدمون للانقلابين معروفا، فهو خطيئة مكتوبة عليهم، فان من اعان الظالم فقد ظلم نفسه.
(3) وقال جدي وكان صاحب خبرة وفراسة، قال انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي مثل البعير الاعور، قلت له كيف؟ قال هو يرعى في جانب ويترك جانب، ثم نصحني قائلاً، اياك وحسن الظن بالعسكر، فان حسن الظن بالعسكر شعبة من الضلال.
(4) ان كل ديكتاتور عسكري يعرف (ثمن) بقائه في المنصب، لكنه لا يعرف (قيمة)الروح التي ترتقي إلى ربها بسبب طغيانه وجبروته، ايها الناس، ان حسم بوائق هذا الانقلاب واماطة اذاه من الشارع السوداني، نعلم أن فيه كثير من العنت والمشقة على كرام الشعب السوداني، ولكن و بتوفر العزيمة القوية والإرادة الصادقة الصلبة، ونبذ الخلافات ووحدة الصف الثوري وتوحيد كل الجهود، هي الطريقة الأمثل لعزل هذا الانقلاب وتفريق شمله، وبالضرورة هذا لا يعني العودة إلى ماقبل إنقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، فذلك دهر تولى يابثين لن يعود، ولكن عزل الانقلاب وتفربقه، يعني التأسيس لمرحلة جديدة، يكون فيها الشارع الثوري هو(نمبر ون) ويكون هو قائدها ومحركها، لذلك يجب علينا أن نثور كأننا نموت غدا، وان نحافظ على الثورة كأننا نعيش أبداً، تبت يد اعداء الثورة ومن ساعدهم.